أوروبا عامة، وأجمع رأيهم على حقيقة واحدة وهي أن (حرب الجزائر) هي سبب الأزمة الاقتصادية التي أغرقت فرنسا، وأنه من المحال إجراء أي اصلاح حقيقي إلا بإيقاف الحرب، إذ أن مصير كل محاولة للإصلاح الاقتصادي أو السياسي هو الفشل طالما أن هناك جيش فرنسي يضم نصف مليون جندي، يتابع محاولاته للاحتفاظ بالجزائر جزءا من فرنسا. وتجدر الاشارة هنا إلى ما أوردته صحيفة ألمانية تعرضت لمعالجة الموقف بقولها:(تكلف الحرب الجزائرية مبلغا قدره سبعة مليارات مارك على الأقل في العام، ويشكل ذلك خطرا كبيرا على البرامج الاقتصادية التي تسعى فرنسا لتحقيقها بمساعدة حلفائها، الذين يضيقون الخناق عليها).
وكان لا بد لديغول وهو يحاول إيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية من اللجوء إلى الحلفاء الأوروبيين، وكان عليه مقابل ذلك أن يقدم تنازلات لهؤلاء الحلفاء، وأن يتخلى عن كثير من المواقف التقليدية لسياسة فرنسا تجاه أوروبا، وبصورة خاصة تجاه ألمانيا الغربية، حيث كانت فرنسا تقف باستمرار ضد كل محاولة لبعث ألمانيا أو زيادة قدرتها أو توحيدها متأثرة بذلك بالجراح العميقة التي خلفتها المانيا في الجسم الفرنسي في الحربين العالميتين الأولى والثانية. وقد وصف اقتصادي فرنسي، هذا الموقف بقوله:
(... لقد اضطررنا إلى طلب المساعدة الأولية، ومن أجل ذلك دخلنا في مفاوضات وتوسلات طويلة نالت من كرامتنا إلى حد أننا قبلنا الشروط المفروضة، ووعدنا بالامتثال للنصائح المقدمة من طرف الدول التي أقرضتنا، فكانت نتيجة الخضوع لتلك الشروط والنصائح أن انخفض مستوى معيشة الجمهور الفرنسي، وانخفضت قيمة الأجور، لا بالنسبة بمستوى الأجور التي يتقاضاها