المدني) الذي ينص على اعتبار فرنسا في حالة حرب دائمة، ولا فرق في هذا بين حالة الحرب العدوانية والحرب الدفاعية، وبات من حق - ديغول - وفقا لهذا القانون؛ أن يمارس جميع السلطات وأن يستخدم جميع الصلاحيات التي تمنحه إياها حالة الحرب، وأول تلك الصلاحيات هي حق الاعتقال والمصادرة وقمع المعارضة. ثم أصدر - ديغول - (قانون الصحافة) فأخضعها لرقابة السلطة الجديدة - سلطة الحرب - وبذلك قضى على حريتها التي اشتهرت بها، وتبع ذلك إصدار (قانون الاصلاح القضائي أو العدلي) الذي منع بموجبه المحاكم من النظر في القضايا المتعلقة بممارسة الحكومة لصلاحياتها وسلطاتها الاستثنائية، فحد بذلك من رقابة (السلطة القضائية)، وحرم الشعب الفرنسي بذلك من الملجأ الأخير له ضد تعسف السلطة الجائرة التي فرضها - ديغول - عليه. ليس هذا فحسب، بل إنه عمل على تمديد أجل الخدمة الإلزامية
للمجندين العاملين في حرب الجزائر، فجعل مدتها (٢٤) شهرا، بموجب (قانون الدفاع المدني). وظن ديغول أنه بهذه الإجراءات سيتمكن من مجابهة ظروف (حرب الجزائر) ومتطلباتها، على نحو أفضل، غير أنه ما لبث أن وجد نفسه أمام موقف معقد، إذ باتت نفقات الحرب شديدة الوطأة حتى أنها وصلت إلى مبلغ ثلاثة ملايين دولار يوميا. وعلاوة على ذلك، فإن زج نصف مليون مجند فرنسي جديد - في حرب الجزائر - قد حرم فرنسا من القدرة الانتاجية لهؤلاء المجندين، وأضعف من قوة (الدخل القومي)، وظهر لفرنسا أن الأزمة هي بالدرجة الأولى (أزمة اقصادية) وبات على ديغول إيجاد مخرج مناسب لها.