وبيان الموقف بأناة وصبر وثبات للتغلب على الاضطراب الذي لا بد منه، مثل الاضطراب في الجسم خلال مرحلة البلوغ.
ج - الواجب الاستراتيجي الذي يقتضي ربط الأمور كلها بجبهة الصراع المسلح.
وإن هذا الضعف الذي هو عادي ولا بد منه في البداية قد أصلح، وأمكن استدراكه، فبعد المدة التي كانت جبهة التحرير فيها تكتفي بإلقاء الأوامر بمقاومة الاستعمار، برزت الجبهة بروزا حقيقيا في ميدان الكفاح السياسي، على نحو ما شهدناه، وقد امتازت هذه النهضة بالإضراب التذكاري الذي أعلن في الفاتح من نوفمبر - تشرين الثاني - ١٩٥٥؛ ذلك الإضراب الذي كان يعد الحدث الحاسم، سواء لما له من مظهر، أو لما له من نتيجة إيجابية وصفة بعيدة المدى، حيث كان يدل على نفوذ الجبهة لدى جميع طبقات الأمة، ويعرف كل جزائري أنه ما من منظمة سياسية استطاعت تنظيم إضراب عظيم كهذا شمل كل مدن الوطن وقراه.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن النجاح الذي وفقت إليه جبهة التحرير الوطني في دعوتها إلى عدم التعاون السياسي مع الفرنسيين، لم يكن برهانه أضعف من برهان الاضراب، لقد كان من شأنه استقالة النواب الوطنيين، التي تلتها استقالة النواب الموالين للإدارة أن أرغمت الحكومة الفرنسية على العدول عن تمديد نيابة النواب في المجلس الوطني الفرنسي، وعلى حل المجلس الجزائري، أما المجالس العمالية والبلدية والجماعات فقد حلت بدورها ولم يعد لها وجود.
ومما زاد في هذا الفراغ، ووسع من رقعته، استقالة عدد كبير من الموظفين وأعوان السلطة الاستعمارية، من