وطني يهدف إلى تدمير حكم الاستعمار الفوضوي، وليست بحرب دينية، إنها سير الى الأمام في الاتجاه التاريخي للإنسانية، وليست برجوع إلى النظام الاقطاعي. والحاصل، إنها كفاح وطني يهدف إلى تدمير حكم الاستعمار من أجل إقامة نهضة دولة جزائرية في شكل جمهورية ديمرقراطية واجتماعية، وليست في سبيل إعادة حكم ملكي، أو حكم قائم على ما يعبر عنه (باللاهوتية) فتلك أنظمة قد اضمحلت ودالت دولتها.
٣ - إخفاق المنظمات السياسية السابقة
من آثار الثورة الجزائرية على الشعب الجزائري أنها عجلت بنضجه السياسي؛ فقد شحذت ذهنه، وأذكت فيه روح النقد والتمحيص، وأبدت له على ضوء التجربة الحاسمة، تجربة النضال في سبيل الحرية، وعجز المذهب الاصلاحي وعقم الشعوذة الخادعة المناهضة للثورة، ولقد ظهر إخفاق الأحزاب القديمة للعيان جهارا، وتفككت المنظمات المختلفة؛ فأما الأعضاء الأساسيون فانضموا إلى جبهة التحرير الوطني، وأما (حزب البيان) المنحل و (جمعية العلماء) فأيدا بشجاعة مواقف جبهة التحرير، وأما (جمعية الطلبة المسلمين الجزائريين) التي تضم سائر الجامعيين وتلاميذ المدارس الثانوية فنادت بنفس العاطفة على لسان مؤتمرها الذي وافق على الأمر بإجماع، وأما (الهيئة المركزية -لحركة انتصار الحريات الديموقراطية) فقد ذهبت ولم يبق لها أثر سواء بصفتها مجمعا للزعماء السابقين، أو بصفتها نزعة سياسية.
أ - انهيار مذهب (مصالي)
لم تكن الحركة القومية الجزائرية لتقوى على التغلب على الأزمة