التي أودت بحركة انتصار الحريات الديموقراطية، وذلك رغم ما تظاهرت به من خدمة للشعب في محاولة لاستمالته إليها، ولم يبق لها
من هيكل أساسي إلا في فرنسا، لوجود مصالي بها وهو في المنفى، ولجهل المهاجرين الجزائريين بفرنسا لحقيقة الموقف في الجزائر جهلا تاما؛ فمن هناك كانت تصدر الأوامر والأموال والرجال لتنظيم أفواج مسلحة ومناطق منشقة للمقاومة، ولم يكن الغرض منها المساهمة في محاربة العدو الممقوت، بل القيام بعمليات التحدي والاستفزاز، وإفساد الثورة الجزائرية التي تجابه النظام الاستعماري وجيشه وشرطته وذلك عن طريق القيام بجهد لإحباط عمل قادتها العسكريين والسياسيين، بما تبشه من روح الهزيمة، وما تدخله من الاضطراب وما تقترفه من أعمال القتل.
لقد ظهر كل نشاط الحركة القومية الجزائرية، المشتت والقصير المدى، في بعض المدن القليلة ومنها مدينة الجزائر، وظهر هذا النشاط في إطار تكتل مناهض للثورة، قام بعمليات التفرقة والإلهاء (كالحملة على بني ميزاب) واللصوصية (كابتزاز أموال التجار) والتشويش والافتراء (كتقديم مصالي بصفته مؤسس جيش التحرير الوطني وقائده)، وقد فقد مذهب مصالي قيمته كتيار سياسي، وأصبح شيئا فشيئا مجرد حالة نفسية تذوب وتضعف بتوالي الأيام. وحسبنا دليلا على قيمة هذا المذهب، أن آخر المعجبين بمصالي والمدافعين عنه، هم الصحفيون والأدباء القريبون من رئاسة الحكومة الفرنسية؛ فهم يذهبون إلى استنكار جحود الشعب الجزائري الذي لم يعد يعترف (بفضل مصالي ومزاياه الاستثنائية وهو الذي أنشأ القومية الجزائرية قبل ثلاثين عاما)، وإن نفسية مصالي أشبه شيء باعتقاد الديك الأحمق الذي جاء عنه في القصص