للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبينما كانت (تونس) تعيش أقسى ظروف محنتها، ظهرت طلائع الأسطول العثماني بقيادة حاكم الجزائر (باي لرباي) والذي كان يمارس في الوقت ذاته قيادة الأسطول (قبودان باشا). وقام (قلج علي) بإنزال قوات المجاهدين على مقربة من أطلال (قرطاجنة) تحت قيادة (سنان باشا) وأصدر أوامره في الوقت ذاته إلى جيش الجزائر بالتحرك فورا تحت قيادة (عرب أحمد). كما أرسل إلى جيش طرابلس يستدعيه بقيادة (مصطفى باشا) وجيش القيروان بقيادة (حيدر باشا) وكان أول عمل قامت به قوات المسلمين بقيادة (قلج على باشا) هو تضييق الحصار على (حلق الوادي) وتركيز الأعمال القتالية حتى أمكن اقتحام مواقعه وإبادة الحامية الإسبانية والاستيلاء على كل ما كانت تحتويه من الأسلحة والذخائر والمواد التموينية (وذلك لست خلون من جمادي الأولى سنة إحدى وثمانين وتسعمائة - ١٥٧٣ م). ونقل المسلمون بعد ذلك ثقل عملياتهم القتالية لحصار تونس، ففر من بها من الإسبانيين ومعهم محمد بن الحسن الحفصي إلى (البستيون) (وهي قلعة بناها الإسبانيون إلى جانب تونس) واستولى المجاهدون على الحاضرة وقصبتها، ثم نقلوا ثقل الهجوم إلى حصن (البستيون) وأحكموا الحصار على حاميته. وتولى الوزير سنان باشا قيادة الحصار بنفسه، وشارك المجاهدين في أعمال ردم الخنادق وبناء أبراج الحصار (فكان ينقل التراب والحجارة، مثله كمثل كل المجاهدين، وعندما قال له أحد أمراء الجند: (أيها الوزير! نحن إلى رأيك أحوج منا إلى جسمك) أجابه الوزير: (لا تحرمني من الثواب.). وأمر ببناء (ترس) يشرف منه على قتال الإسبانيين في (البستيون). ولم يزل ملحا على حصار هذا الحصن حتى تم اقتحامه عنوة يوم الخميس (لخمس بقين من جمادي الأولى سنة إحدى وثمانين وتسعمائة - ١٥٧٣ م) ومضت جموع المجاهدين لخوض المعركة الحاسمة، فأبادت الحامية الإسبانية

<<  <  ج: ص:  >  >>