الإسلام في العالم. إن الثورة الجزائرية لا تميز نفسها على بقية الطوائف الدينية المختلفة التي تسكن البلاد الجزائرية، ولكنها تميز فقط أنصار الحرية والعدل والكرامة الإنسانية من جهة أخرى، وليس أدل على هذا من إنزال العقاب الشديد بالخونة من رجال الدين في حرم المسجد. وعلى عكس ذلك، فبفضل النضج السياسي الذي بلغه الشعب الجزائري، وبفضل الحكمة والبصيرة اللتين تمتاز بهما إدارة (جبهة التحرير الوطني) أمكن فضح مساعي الاستعمار المتجددة وإحباطها، حيث كانت هذه المساعي الاستعمارية تثير التحديات والاستفزازات لإشعال نار الفتن والاضطرابات ضد المسيحيين، وإعلان العداء للأجانب، وما الثورة الجزائرية رغم كل الدسائس والتحريضات التي تقوم بها الدعاية الاستعمارية، إلا كفاحا وطنيا يعتمد على أساس قومي وسياسي واجتماعي، وليست الثورة الجزائرية تابعة للقاهرة أو لندن أو موسكو أو واشنطن، وإنما هي ثورة تسير في مجراها الطبيعي طبقا للتطور التاريخي للإنسانية والذي لم يعد يرضى بوجود أمم مستعبدة على وجه الأرض؛ وهذا ما جعل قضية (استقلال الجزائر) قضية عالمية، ومشكلة تتحكم في جميع مشاكل الشمال الأفريقي، وسترفع الدول الافريقية - الآسيوية قضية الجزائر إلى هيئة الأمم المتحدة من جديد.
وإذا ظهر عند هذه الدول الصديقة إبان الدورة الأخيرة لجمعية الأمم المتحدة اهتماما بالغا للتوفيق بين الجانبين، بحيث أفضى بها إلى سحب مناقشة القضية الجزائرية من جدول أعمال الهيئة الدولية، فليس لها اليوم مثل هذا الموقف بعد أن نكثت فرنسا بجميع الوعود التي قطعتها على نفسها. وقد كان موقف البلاد العربية عامة ومصر خاصة سببا في ذلك الفتور، فقد كان تأييدها للشعب