طلبت جبهة التحرير مجرد اعتراف فرنسا بحق الجزائر في الاستقلال، وتأليف حكومة جزائرية تقوم بإجراء المفاوضات على أن توافق عليها الجبهة، دون أن تكون مؤلفة فقط من أعضائها. أما من الناحية الفرنسية، فقد ظهرت الرغبة هناك لتوحيد أراضي الجزائر، ومنحها درجة من الحكم الذاتي، وهي خطوة أولية لا بأس بها، إذا كانت فرنسا تعتزم حقا منح الجزائر استقلالها. ولم يقبل الجزائريون قط بسياسة (غي موليه) الرسمية والرامية إلى وقف اطلاق النار أولا، ثم إجراء انتخابات عامة، ثم البدء بالمفاوضات.
أبلغت جبهة التحرير (المسيو كومان) رغبتها في إجراء محادثات (رسمية) بدلا من هذه المحادثات الشبيهة بالرسمية، فوافق الفرنسيون على العرض فورا، وتظاهر ممثلو الرئيس الفرنسي بالموافقة على تسهيل حرية الانتقال بالنسبة إلى زعماء الجبهة للتشاور مع جماعات الجبهة الأخرى، وطلبت حكومة (غي موليه) في الوقت ذاته من حكومتي تونس والمغرب أن تذللا العقبات في طريق المحادثات الفرنسية - الجزائرية، وأن يشترك البلدان فيها إن أمكن، وأبلغت (البعثة الجزائرية)(كومان) أن الجبهة تعتزم إرسال وفد عنها في أواخر شهر تشرين الأول - أكتوبر - للتشاور مع الزعماء التونسين والمغاربة في مؤتمر يعقد في تونس، ولكن الفرنسيين أرغموا الطائرة التي كانت تقل الوفد الجزائري، وهي في طريقها بين الرباط وتونس على النزول فوق أرض الجزائر، حيث اعتقل أعضاء الوفد، وقد نقلوا فورا إلى سجن (باريس) حيث ظلوا هناك دون أية محاكمة، وعندما أصدر الرئيس (ديغول) في العام ١٩٥٩ تدابيره التي أطلق عليها صفة (الرأفة بالثائرين) نقل الزعماء إلى قلعة لم يذكر اسمها في تلك الفترة. وأدى هذا الحادث إلى