للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عميقا كل العمق، على الرغم من اختلاف دوافعه عن دوافع المستوطنين. فبعد أن مني الجيش بهزائم متعاقبة في العام (١٩٤٠) لحقت به هزائم أخرى في الهند الصينية (فييتنام) و (السويس) حيث كان الجنرال (جاك ماسو) ذاته يقود قوات المظليين، ورأى الآن في الجزائر فرصته الأخيرة للنصر ولاستعادة الهيبة والثقة بالنفس. ولم يكن للجيش أي برنامج سياسي للجزائر باستثناء شيء واحد، وهو أن لا تتكرر الهزيمة، وقد اضطر في حرب الجزائر المتقطعة إلى الاقتتال مع أساليب حرب العصابات التي تعتمد على مبدأ (اضرب واهرب) في مناطق جبلية وعرة، ومستخدما في حربه ضد الثوار أحدث أسلحة حلف الأطلسي. وأدى الافتقار إلى الأمن، وانتشار أعمال التدمير في جميع أنحاء البلاد، إلى تجزئة قواته ونشرها في كل مكان لحماية كل مزرعة وكل مركز وكل مصدر للمياه، وكل شبكة للخطوط الحديدية، وقد لجأ في مجابهة أعمال العنف في المدن إلى ممارسة أبشع أنواع القمع والإرهاب ضد المدنيين؛ بحجة تعذيب المشبوهين للحصول على المعلومات، ولم تؤد هذه الأساليب إلى استنكار الأحرار من الفرنسيين فحسب، بل إلى (أزمة ضمير) على المستويات العليا في الجيش ذاته، ولقد شرح ليبيرالي فرنسي كاثوليكي هذا الموقف بقوله:

(... لقد اقترع البرلمان الفرنسي على منح الصلاحيات الكاملة - لروبرت لاكوست - وزير الجزائر، الذي أصدر أوامره بدوره إلى - الجنرال ماسو - قائد المظليين في الجزائر بإعادة النظام إلى البلاد بكل الوسائل التي يراها مناسبة، وبضمنها التعذيب، دون إعطائه أوامر خطية تنص على ذلك. وهكذا وجد الجيش نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>