منغمسا في السياسة والاجراءات، وهو تحول سيؤدي حتما إلى نكسة جديدة يمنى بها الجيش، وإلى إذلال آخر. وقد اهتبل الجيش فرصة الأزمة الوزارية الطويلة، وغياب السلطة الشرعية المألوفة في شهر أيار - مايو - يحاول الحصول على تلك الضمانة، وكان الجيش يرى أن السبيل الذي لجأ إليه مفهوم كل الفهم).
وهكذا، وفي تلك الذروة العاطفية التي صحبت أحداث الثالث عشر من أيار - مايو - والأيام التي تلته، تعلق الجيش بحبل سياسة الدمج، وهي سياسة ذات تاريخ طويل، وعدد مختلف من المعاني؛ إذ أنها تعني بالنسبة إلى الكثيرين من ضباط الجيش مساواة غامضة بين جميع الجزائريين على الرغم من أن معاملة الجزائريين على قدم المساواة مع المستوطنين الأوروبيين قد تسفر عن نتائج لم تدرس الدراسة الكافية، وهي تعني أيضا سياسة التآخي، وسد تلك الثغرة النفسية التي اتسعت وعمقت إبان الثورة. وعندما قبض رجال الجيش على ناصية الحكم، اعتقد الكثيرون منهم أن واجبهم غدا في إكمال تلك (الرسالة التحضيرية - التمدينية) التي فشلت فرنسا في أدائها طوال الأعوام التي انقضت منذ احتلالها للبلاد في العام (١٨٣٠)، وآمن البعض منهم أيضا أنهم يقفون في الخط الأمامي من النضال ضد الشيوعية، زاعمين أن جبهة التحرير، وهي التي تتبع الأساليب التقليدية في الحروب الثورية هي آلة في يد الشيوعية، إن لم تكن شيوعية في حد ذاتها. وقد تأثرت نظرة الجيش إلى الثورة الجزائرية، بالتجارب المريرة التي تعرض لها عدد كبير من ضباطه إبان حرب الهند الصينية، لا سيما وأن الكثيرين منهم كانوا قد قضوا عدة سنوات في أمر الفييتناميين، وبالأعمال التي تتعلق بالخدمات الاجتماعية التي مروا