شخصيته، والذي تعرض لهزائم دامية من غير أن يرضخ أبدا، ولم يغير أسلوب حياته اليومية، طوال حياته، والذي حافظ على ثقافة ماضيه وعلى تقاليده وعلى لغته وعلى حضارته، إن هذا الشعب له الحق في الاحترام والحرية، ولأن هذه الحرية بقيت عبر الأجيال المثل الأعلى الذي تناقلته، فقد وقعت في أول نوفمبر - ١٩٥٤ - انتفاضة جديدة وعنيفة هذه المرة؛ لقد نهض الشعب الجزائري ليؤكد، والسلاح بيديه، حقه المشروع في الاستقلال وفي الحرية وفي الكرامة.
إن شعبنا يكافح منذ أربع سنوات، وهو يواجه واحدا من أكبر جيوش العالم، وقد سقطت أكثر من ستمائة ألف ضحية على طريق الحرية الطويل، وإن شعبنا الخاضع لسلطة العنصريين الاستعماريين يتعرض كل يوم للتعذيب والتقتيل، غير أنه بني على الرغم من آلامه وآلاف شهدائه، صامدا في عقيدته، وفي إيمانه بالتحرير القريب. وإن جيشنا للتحرر الوطني، وبالرغم من إمكاناته المحدودة، يواجه ببسالة جيشا فرنسيا مجهزا بعتاد عصري قوي، وبالمدفعية وبالطائرات وبالبحرية، وإن هذه البطولة وهذه الشجاعة وهذه التضحيات العديدة، وبكلمة واحدة، فإن العزيمة الجماعية، هي التي تمنح شرعية الحكومة.
إن أول واجبات الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، تتمثل في الإشادة بهذا الشعب الجزائري الشهيد الذي تعرض لأشد المحن في سبيل ميلاد الجمهورية الجزائرية الحرة وحياتها، وهذه الإشادة موجهة أيضا وبالحماسة ذاتها إلى جيش التحرير الوطني المظفر الذي وضع بفضل شجاعته وتضحياته قضية الثورة الجزائرية، نهائيا، على طريق النصر.