للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها خسائر فادحة. لكن القوات الإسبانية أفادت من تفوقها العددي فتمكنت من دحر قوات المجاهدين التي اضطرت من جديد إلى التراجع والاعتصام بمواقع أخرى تقع إلى الخلف من سابقتها في عمق الجبال. وأصبح باستطاعة القوات الإسبانية الإشراف من مواقعها على مدينة (المرسى الكبير).

كان الباي الشيخ (مصطفى بوشلاغم) فاتح وهران وأميرها منذ سنة (١٧٠٧م) قد استعد للدفاع بما توافر له من القوى والوسائط. وتجمع حوله ما يزيد على العشرين ألفا من المجاهدين من رجال الشعب، بالإضافة إلى قوة الجيش المكونة من (٢٥٠٠) مقاتل، وكانت وهران مسلحة بما يزيد على (١٣٨) مدفعا منها ٨٧ مدفعا من البرونز. وقد عمل على توجيه جزء من هذه القوة لمقاومة الإسبانيين في منطقة الإنزال (عين الترك) وعندما تطورت المعركة جمع (مصطفى بوشلاغم) قادته وأعاد تقدير الموقف على أساس التفوق الإسباني فتقرر الانسحاب من مدينة (وهران) وإخلاءها من سكانها ومن الحامية المدافعة عنها. على أن تستمر المقاومة فيما وراء المدينة، ريثما تتوافر قوات دعم كافية لاستعادة المدينة وخرج الباي ورجال الإدارة وأمتعتهم وأموال الحكومة - على مائتي بعير - وتبعهم السكان. ولم يكن عددهم حينئذ كبيرا، ودخل الإسبانيون يوم أول تموز - يوليو - المدينة فكانت مدينة مهجورة، خالية من كل حياة.

وكان داي الجزائر (عبدي باشا) قد أرسل دعما سريعا من الجزائر يتكون من ألفي رجل تحت قيادة ابنه، غير أن هذا الدعم وصل متأخرا، حيث كانت القوات الإسبانية قد دخلت المدينة، فانضم هذا الدعم إلى قوى المجاهدين التي طوقت المدينة من كل جهاتها. وما كاد نبأ سقوط المدينة يصل إلى الجزائر حتى هيمن عليها

<<  <  ج: ص:  >  >>