الخلافة، وعلى سبيل المثال، فقد سبقت الإشارة إلى الموقف الذي اتخذته الجزائر تجاه فرنسا التي كانت قد ارتبطت مع الخلافة العثمانية بمعاهدة (الامتيازات القنصلية) وجاءت الجزائر لترفض منح فرنسا هذه (الامتيازات) لأنها وجدتها تتناقض مع مصلحتها. وفي مناسبات أخرى كانت الجزائر تفرض على دار الخلافة (إستانبول) السياسة المناسبة للجزائر، وعلى سبيل المثال، فعندما حاولت إسبانيا التقرب من الخلافة لعقد معاهدة صداقة وسلام، تصدت الجزائر لهذه المحاولة وأحبطتها، وأعلنت بصراحة ووضوح أنه:(لا سلام مع إسبانيا طالما بقيت قواتها في وهران والمرسى الكبير. وأيدت دار الخلافة الموقف المبدئي للجزائر ودعمته وتم بذلك إحباط الجهود الإسبانية.
كانت علاقة الجزائر بدار الخلافة أشبه ما تكون بعلاقة (الأحلاف) فكانت قوة الجزائر في قوة الخلافة، وكانت قوة الخلافة في قوة الجزائر. فلا غرابة بعد ذلك أن تكون العلاقة الحميمة قائمة على الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل. ولا غرابة في أن تترك الخلافة للجزائر النظام الذي تختاره، لإدارة أمورها. ولا غرابة أيضا في قبول كل ما يصدر عن العاصمتين بروح الإخاء، حتى لو كان في بعض الممارسات خروجا على ما هو معروف من علاقات بين الأحلاف المتشاركين في السراء والضراء.
لقد أسهبت المصادر الغربية في وصف تلك المرحلة التاريخية، لا سيما خلال الفترة الممتدة بين منتصف القرن السابع عشر وبداية القرن التاسع عشر، وأمعنت في الإساءة إلى قادة الجزائر وحكامها وشعبها، من خلال وصف الحكام (بالمزاجية وعدم الاستقرار وقبول الرشاوى بل حتى فرضها بمقادير معينة واتساع نطاق الفساد على كل