للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستويات المسؤولة (١)). وتتجاهل تلك الكتابات روح العصر وطبيعته، وليس المجال هنا هو مجال الدفاع (عن الفساد) إذ أن هذه الظاهرة المرضية المرافقة دوما لعهود الانحطاط تبقى أبدا وهي تحمل صفة (الفساد). غير أن تركيز الأحكام على السلبيات بدون إظهار للإيجابيات المقابلة يشكل بدوره ظاهرة من ظواهر (الفساد). ولقد بات من الثابت أن الجزائر بلغت في طليعة القرن التاسع عشر مرتبة من القوة وضعتها في مركز أقوى دول البحر الأبيض المتوسط، وكانت مدينة الجزائر هي أحسن ميناء على ساحل البحر بقلاعها المتينة ومدافعها الضخمة وجنودها البواسل. وكان الأسطول الجزائري يزيد على (٧٢) قطعة حربية ممتازة كبيرة الحجم، و (١٤٠) سفينة متوسطة الحجم. وكانت كل هذه السفن الحربية مسلحة بما تحتاجه من المدافع والذخائر والجند، وبلغ عدد البحارة الجزائرين أكثر من (٣٠) ألف بحار اشتهروا بكفاءتهم القتالية العالية وتدريبهم الرائع. ولقد كانت تلك القدرة البحرية المتكاملة هي عدة الجزائر للانتشار في البحر الأبيض المتوسط، واتخاذ الملاحة صناعة وطنية، والقرصنة مهنة تجارية. ولكن وعلى الرغم مما كان يصيبه أهل الجزائر من المغانم الضخمة عبر غزواتهم البحرية، فإنهم لم يكونوا يعتبرون أن ما يحصلون عليه من ربح طائل أو ثروة ورفاهية عظيمتين هما نوعا من السرقة أو النهب، بل إنهم كانوا يعدونها نوعا من الحروب بين المراكب التجارية أينما وجدت.


(١) يمكن في هذا المجال مطالعة كتاب (العلاقات الديبلوماسية بين دول المغرب والولايات المتحدة) ١٧٧٦ - ١٨١٦ - لمؤلفه إسماعيل العربي - إصدار الشركة الوطنية للنشر والتوزيع. الجزائر - ١٩٧٨ والذي يتضمن كشفا دقيقا عن العلاقات التي كانت سائدة في تلك الحقبة التاريخية.

<<  <  ج: ص:  >  >>