ولم يكن الجزائريرن يهاجمون أية سفينة يظفرون بها في عرض البحر، وإنما كان على جميع الدول البحرية التي تريد أن تجتاز بواخرها البحر الأبيض المتوسط بأمان أن ترتبط مع داي الجزائر بمعاهدة صداقة، وأن ترسل قنصلا لها يقيم في مدينة الجزائر، وتدفع لحاكمها ضريبة سنوية محددة مقابل تمتعها بالحرية البحرية. وهكذا كانت انكلترا وفرنسا والدانمرك وهولاندا وسردينيا والبرتغال والسويد والنرويج وهانوفر وإسبانيا والولايات المتحدة الأميريكية ترتبط بمعاهدات رسمية مع (داي الجزائر) وترسل إليه كل عام الهدايا الثمينة، وتطلب وده ومصادقته وبذلك كانت تضمن عدم تعرض بواخرها للضرر أو الأذى. وبذلك حصلت الجزائر على اعتراف جميع دول العالم بها كدولة مستقلة، تسابق الدول لاكتساب صداقتها والتحالف معها، والاعتراف لها بالسيادة على البحر الأبيض المتوسط. ومن ذلك تلك المعاهدة التي عقدت في أيلول (سبتمبر) سنة ١٧٩٥م بين الولايات المتحدة الأمريكية والجزائر، وتضمنت التصريح للسفن الأمريكية بممارسة التجارة مع الجزائر مقابل دفع الرسوم المعتادة، وإعفاء الأدوات البحرية والحربية من هذه الرسوم على أن يصرح للسفن الجزائرية بمثل ذلك مقابل إجازات سفر لها من القنصل الأمريكي في الجزائر. وليس إعلان الحرب من قبل الجزائر على أمريكا في ١٢ نيسان - أبريل - ١٨٢٥ بسبب سوء استغلال أمريكا للإتفاقية السابقة، ثم عقد صلح جديد، إلا برهانا على استقلالية الجزائر من جهة، وتأكيدا على ما بلغته من القوة في تلك الفترة - من جهة ثانية - (١) وإذن، فالأمر
(١) أنظر في - قراءات ٢ - في آخر الكتاب - نصي الرسالتين المتبادلتين بين داي الجزائر والرئيس الأمريكي في هذا المجال.