الذي لا يقبل الجدل هو أن حكومة الجزائر كانت تفرض إرادتها، وتعقد المعاهدات، وتعلن الحروب، وتدافع عن مصالح الجزائر دون الرجوع إلى تركيا أو غيرها من بلدان العالم.
وبلغت الجزائر مرحلة من التطور الاجتماعي - والاقتصادي حسدتها عليه الدول الأوروبية الغربية، ووصلت الجزائر من القدرة الاقتصادية ما جعلها تقدم القروض والمساعدات إلى فرنسا حتى بلغت ديون فرنسا للجزائر مبلغ (٧) ملايين فرنك إفرنسي (في سنة ١٧٩٨م) وأدى ذلك إلى زيادة عدد السكان، حيث بلغ عدد سكان الجزائر عشرة ملايين، وعدد سكان العاصمة الجزائر (٥٠) ألف نسمة. وكانت الجزائر تعتمد في اقتصادها على الزراعة واستخراج الحديد والرصاص والملح من المناجم بالإضافة إلى التجارة والغزو (القرصنة). وعرفت الجزائر في العهد العثماني - على خلاف ما هو شائع - تطورا ثقافيا وعلميا مذهلا بحيث كان كل جزائري تقريبا يعرف القراءة والكتابة، ويعود الفضل ذلك إلى بقاء التعليم حرا من سيطرة الدولة ومن سيطرة الحكام، فكان سكان كل قرية ينظمون بطرائقهم الخاصة ووسائلهم الذاتية تعليم القرآن الكريم والحديث والعلوم العربية الإسلامية، لأن دراسة هذه العلوم هي السبيل إلى معرفة جوهر الدين وفهم القرآن والسنة. وبقي تعليم القرآن الكريم أساس التعليم في الجزائر - كما هو في كل أقطار العالم الإسلامي - سواء كان هذا التعليم ابتدائيا أو ثانويا أو عاليا. وكانت المدارس على اختلاف مستوياتها تمول وتغذى بالأوقاف التي يحبسها أهل الصلاح والخير من الرجال والنساء، وفي بعض الأحيان كان يحبسها موظفون كبارا في الدولة كعمل من أعمال الخير. فكان هناك أملاك خاصة وعقارات وأراضي يذهب ريعها لبناء المدارس وتوظيف