للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشكالها في مجابهة ما تعرضت له الجزائر أيام البلوى القاسية والصعبة. وهذه النفرة الإجماعية هي التي تأخذ في الحروب الحديثة اسم (الحرواب الشعبية) والتي حدد المسلمون أشكالها ومضامينها من قبل أن يعرف العالم اسم (الحروب الشعبية) بقرون طويلة.

وتجدر الإشارة إلى أن العالم قد عزف منذ أيام الحروب البدائية، وحتى في العصر الحديث بعض أشكال هذه (النفرة الإجماعية) فقد اشتهرت الفتيات الأمازونيات باشتراكهن في الحروب وسبقهن في مجالات حمل السلام، كما أبرز عرض الأعمال القتالية قيام النسوة الإسبانيات وحتى الأولاد بمشاركة القتاليين في أعمال الحصار وترميم الحصون والثغرات. غير أن هناك ثمة فارق كبير بين هذه النماذج وبين مفهوم (النفرة الإجماعية في الجهاد) والتي تعتمد على مجموعة من الخصائص أبرزها: ١ - الطوعية في الإقبال على القتال. ٢ - الاستعداد الدائم للقتال. ٣ - الاستجابة الإجماعية والموحدة لنداء الجهاد. ٤ - ربط مفهوم الجهاد بهدف نبيل (الشهادة أو النصر) والذي يرتبط بالعقيدة الدينية الإسلامية.

ولقد استطاعت الكنيسة في الحقيقة - عبر الحروب الصليبية - تكوين مفاهيم مشابهة كمفاهيم المسلمين في الجهاد، بل إنها عممت استخدام ذات العبارات التي كان يستخدمها المسلمون ويطلقونها على أعدائهم (الكفار) و (أعداء الدين) و (الجهاد) و (الغفران) و (الجنة) و (الخلود). غير أنه كان من المحال الاحتفاظ (بدفء هذه المفاهيم) و (حرارتها) في استثارة الهمم والتحريض على الجهاد والحض على القتال. وهذا ما أكدته وأبرزته أعمال المجاهدين عند الاندفاع لدعم المسلمين المجاهدين في الأندلس، ثم في الدفاع عن أرض الإسلام

<<  <  ج: ص:  >  >>