الداخل) وزيادة حجمهم وقدرتهم هو المؤشر الثابت على ما يتعرض له المجتمع من الانهيارات. والعلاقة بين قوة المجتمع وقوة أعداء الداخل علاقة جدلية ثابتة, ومن هنا فإن تصفية أعداء الداخل كمرحلة لها الأفضلية الأولى في بناء القدرة الذاتية هو أمر أساسي وحاسم (عبرت عنه الثورة الإفرنسية بوضورح عندما عملت على تصفية أعداء الداخل قبل الانطلاق لمجابهة أعداء الخارج) وسبقتها الجزائر عندما دمرت أعداء الداخل ووحدت الجبهة الداخلية قبل أن تنطلق للجهاد ضد أعداء الدين. وهنا ظهرت العلاقة الجدلية والثابتة من جديد فقد كان كل انتصار خارجي للمسلمين يضعف من أعداء الداخل المتعاونين مع الأعداء الخارجيين، وكان ضعف هؤلاء الأعداء الداخليين يؤدي بالتالي إلى زيادة القدرة لقتال الأعداء الخارجيين، وفي الواقع، فإن متابعة مسيرة الأحداث على جبهة الصراع بين الجزائر المجاهدة وأعداء الدين تؤكد هذه الحقيقة الجدلية وتبرزها بشكل واضح على امتداد صفحة الجهاد.
وكان عمق تيار الجهاد هو العامل الأساسي في بروز هذه الظواهر وتأكيد فاعليتها وأهمية دورها، وهو ما تؤكده أيضا المقولات الشعرية والنثرية التي حفظتها الأوابد المغربية الإسلامية في الحض على الجهاد وتحرير الأرض المغتصبة من ديار المسلمين، فقد بقيت وهران والمرسى الكبير تحت احتلال الإسبانيين طوال قرنين من الزمن في المرحلة الأولى وعلى امتداد خمسين سنة في المرحلة الثانية، كان أئمة المسلمين ومشايخهم وكتابهم وشعراءهم لا يتوقفون عن التذكير بمأساة (وهران) واستثارة الهمم، ولم يكن باستطاعة حكام المسلمين في الجزائر تجاهل هذا التيار المحرض القوي، وهكذا كان تيار الجهاد هو الذي يدفع الحكام ويقودهم ويوجه خطاهم، ولا ينتقص ذلك من