للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(المتعاونين مع العدو). ولقد ظهرت نتائج ذلك بسرعة مذهلة فقد أمكن توحيد الجبهة الداخلية للمسلمين، والانطلاق منها بحزم لمجابهة الأعداء الخارجيين وأدى ذلك بدوره إلى ضعف أعداء الداخل وانهيارهم. حتى أنه في كثير من المعارك كان المقاتلون تحت راية المتعاونين مع الإسبانيين، ينفصلون عنهم بمجرد الاشتباك في المعركة، أو يعتزلون القتال ضد المسلمين في أضعف الحالات.

ولقد كان الولاء لزعيم العشيرة أو الملك، وهو أمر مرتبط بجوهر الدين، هو العامل الأساسي في الانتكاسات وهو نزوع جاهلي، جاء المبدأ الحالد (لا ولاية لكافر على مسلم) فعمل على إلغائه. وقد برز هذا المبدأ بكل وضوحه وبأعمق معانيه في جهاد الجزائر ضد أعداء الدين فكان في ذلك بعض عدة الجزائر المجاهدة فيما حققته من انتصارات. وأما المبدأ الثاني فهو (عدم الانتصار بكافر على كافر) وهو المبدأ الذي أدى أحيانا إلى اصطدام الجزائر بالخلافة، والذي أرغم دار الخلافة على الخضوع للجزائر في النهاية. فكان في ذلك أيضا بعض عدة المسلمين في انتصارهم على أعدائهم.

كانت أعمال الجهاد في الجزائر (مبدئية وثابتة) وهو ما تؤكده جميع المواقف وكان الفضل في ذلك لعمق مفهوم تيار الجهاد من جهة، وللتجارب التي أكدت صحة هذا المفهوم في كل المناسبات، وفي كل الحروب التي خاضها المجاهدون في سبيل الله.

وظاهرة وجود (فئة من الخارجين على الإجماع) هي أمر طبيعي عرفته كل المجتمعات في القديم والحديث، وعرفت المجتمعات في القديم والحديث أيضا أن خطورة (أعداء الداخل) تتزايد في مرحلة ضعف المجتمع وتضعف بزيادة قوته. ومن هنا فإن ظهور قوة (أعداء

<<  <  ج: ص:  >  >>