للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله في حقهم) (١).

لم تكن القضية على كل حال قضية انتظار حدوث معجزة، كما يصورها من لا يستطيعون فهم عامل الدفاع عن الدين والقدرة على الصمود في العقيدة القتالية الإسلامية. وليست أيضا الدفاع بانتظار وصول الدعم، القضية ببساطة هي قضية طلب إحدى الحسنيين (النصر أو الشهادة). فكان طلب الشهادة هو الدافع لإبراز مثل هذه الظاهرة الطبيعية في مضمون (الجهاد في سبيل الله). وذلك بصرف النظر عما تحرزه هذه الشهادة من نصر أو هزيمة. ولو أن النصر هو النتيجة الحتمية والمتوقعة لمثل هذا الصمود. غير أن صراع (القوى) على الساحة المحدودة، كان فوق كل تقويم فكانت الهزيمة وسقطت غرناطة. وعادت المغرب، بسهلها وجبلها، بمدنها وقراها تستقبل آلاف وملايين المسلمين الذين ضاقت عليهم الدنيا فرجعوا إلى قاعدتهم القوية والصلبة في (المغرب الإسلامي).

أصبحت قصة محاكم التفتيش معروفة، ولا حاجة هنا للتعرض إلى ما رافقها من إحراق للمسلمين وتدمير للمساجد وتحويلها إلى كنائس وانتهاك للحرمات واستعباد للنساء والأطفال. غير أن من المفيد الإشارة إلى أن غرناطة وحدها كانت تضم نصف مليون مسلم. وقد أدت عمليات الإرهاب الوحشية إلى نزوح أهلها عنها والفرار إما إلى جبل البشرات، وإما الفرار إلى المغرب الإسلامي. واستمرت المحنة طوال أكثر من مائة سنة (١٤٩٣ - ١٦١٠م) حيث استمرت هجرة الأندلس إلى المغرب والمشرق الإسلاميين. وقدر عدد الذين


(١) حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا - أحمد توفيق المدني - الشركة الوطنية للنشر والتوزيع - الجزائز ١٩٧٦ ص ٤٣ - ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>