المغربي من (وهران) قاعدة له، وانطلق بالمجاهدين حتى وصل إلى (مليانة) وبقي هناك لمدة ستة أشهر، وخافت فرنسا من بأسه، كما خافت من تعاظم قوة (أحمد باي قسنطينة) وظهر احتمال تعاون القوات المغربية والجزائرية ضد فرنسا، لإخراجها من الجزائر، فأرسلت القيادة العامة في الجزائر تقريرا مطولا إلى وزارة الدفاع الإفرنسية طالبة استخدام كل جهد مستطاع لحمل المغرب على سحب قواته التي كان يقودها ابن عم الملك في (وهران). واستجابت وزارة الدفاع لهذا النداء. فوجهت إنذارا إلى سلطان المغرب:(بأنه إذا لم يأمر قواته بالانسحاب من الجزائر خلال فترة ثمانية وأربعين ساعة، فإنها ستضطر إلى إعلان الحرب على المغرب لتدخله السافر في قضاياها).
استقبل أهل (وهران) الإنذار الإفرنسي بالهزء - وحتى بالسخرية ظنا منهم أن (سلطان المغرب) سيكون أكثر حزما في مواجهة الإنذار الإفرنسي. غير أن أملهم قد خاب عندما استجاب سلطان المغرب للإنذار، وأمر قواته بالانسحاب الفوري تاركا أهل وهران وحدهم لمجابهة العاصفة الإفرنسية. وعلى أثر ذلك، اجتمع العلماء والأعيان. وقرروا التوجه من جديد إلى (العالم محيي الدين) في محاولة لحشد القوى، لا سيما وأن العالم محيي الدين كان من أكثر القاده المؤهلين لرفع راية الجهاد بسبب ما عرف عنه من الصلاح والتقوى والوطنية. وذهب وفد وهراني قابل (العالم محيي الدين) وأعلموه صراحة بأن مصير الجزائر أصبح أمانة في يديه، وأنه الوحيد الذي يستطيع حمل هذه (الأمانة) وأنه إذا ما رفعض الاضطلاع بالمسؤولية خلال تلك المرحلة الخطيرة. فإنه سيحمل وحده نتائج هذا الرفض - أمام الله والتاريخ -. ولم يعد باستطاعة