ولكنه فشل في هذه المرة في صد زحفهم على المدينة. فقد تمكنوا من نصب الحصار عليها ثم دخلوها بينما كان المواطنون يحاربونهم
من دار إلى دار وم شارع إلى شارع. وأثناء هذه الجولة قتل (دامر يمون) القائد العام للجيش الإفرنسي فتولى مكانه الجنرال (فالي)(١) - كما قل (البجاوي) خليفة الحاج أحمد في (قسنطينة) وتكبد الحاج أحمد خسائر كبيرة وفقد أفضل جنده ومقاتليه. وغنم الإفرنسيون بعد استيلائهم على المدينة، مغانم كثيرة وأموالا ضخمة، ذلك لأن الحاج أحمد كان قد رفض إخلاء المدينة، كما رفض إخراج الثروات والكنوز الثمينة. عندما طلب ذلك منه أعيان المدينة حتى لا يؤثر ذلك على الروح المعنوية، وتأكيدا على التصميم في القتال حتى النهاية، وهو ما حدث فعلا. وخسر الإفرنسيون بالمقابل أعتدتهم وقسما كبيرا من قواتهم هذا بالإضافة إلى تموينهم. وجاءت الضربة الحاسمة التي زادت من متاعب (الحاج أحمد) عندما تخلى عنه صديقه (ابن عيسى) وساعده الايمن وعرض خدماته على الإفرنسيين. ولكن، وعلى الرغم من الهزيمة التي نزلت بقوات (الحاج أحمد) وعلى الرغم أيضا من ضياع ملكه وعاصمته، فقد صمم على متابعة الصراع المسلح، وعرضت عليه فرنسا الأمان، وتعهدت له بنقله إلى بلاد إسلامية. فرفض العرض الإفرنسي، ومضى يحمل السلاح وقد وضع مخططا جديدا لمقاومة الإفرنسيين يعتمد على تهديد خطوط مواصلات الإفرنسيين بين عنابة وقسنطينة، وعزلهم. غير أن صهره (ابن غانة)
(١) فالي: (SYLVAIN - CHARLES - VALEE) ماريشال فرنسا. (١٧٧٣ - ١٨٤٠ م) من مواليد بريين لوشاتو، وهو الذي قاد العمليات للاستيلاء على قسنطينة سنة (١٨٣٧ م).