أن (بوضربة) أدرك بسرعة أهداف الإفرنسيين من احتلال الجزائر، ووقف على أساليبهم الخادعة، فأخذ في المكر لهم والإيقاع بهم، ومبادلتهم خداعا بخداع. مما حمل مؤرخا فرنسيا على وصفه بقوله:(كان بوضربة رجلا فطنا ومهذبا، واسع الدهاء، غير أنه يفتقر إلى المبادىء الأخلاقية، فكان يخلق المشاكل أكثر مما يسهم في إيجاد حل لها). ولم يلبث الإفرنسيون أن اتهموه بأنه كان يتزعم (لجنة المغاربة) التي كانت تعمل لصالح استعادة الحكم الإسلامي في الجزائر، والتي كانت على اتصال مستمر مع الداي السابق (الباشا حسين). ولم تلبث أسهم (بوضربة) أن تدهورت، شأنه في ذلك شأن جميع الحضريين أمثاله، الذين رأى فيهم الإفرنسيون مصدر خطر على الاحتلال الإفرنسي، فتم إبعاد بوضربة إلى باريس مع من تم إبعاده من (لجنة المغاربة) وهم الذين لفتوا إليهم الأنظار بمظهرهم الجزائري - الإفريقي، وباتصالاتهم مع رجال الصحافة والصالونات والبرلمانيين. على كل حال، فقد كان هناك ثمة اختلاف بين (بو ضربة) وبين (حمدان عثمان خوجة) ويعرض (بو ضربة) في مذكراته (بحمدان خوجة) ويصفه: (بأنه من الذين حملوا أقلامهم لاستعمالها في هجمات - شخصية) ويفخر بنفسه فيقول: (بأنه ليس من هذا النوع، وأنه ينظر إلى الأمور نظرة واقعية، وأنه يتحرى الحقيقة، وأنه يعمل لصالح مواطنيه ولفرنسا في نفس الوقت، وقد ظهر (بوضربة) أيضا أمام (اللجنة الإفريقية) في ٧ تموز - يوليو - ١٨٣٣ م. فكتب إليها مذكرة، وتبرز هذه المذكرة التناقض بين الرجلين (بو ضربة - وخوجة) فبينما كان (خوجة) ثائرا على الإفرنسيين، غير مؤمن بالتعاون معهم، يظهر (بوضربة) وهو ينتقد الأوضاع، غير أنه يقترح حلولا