للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامي , وإنما أدت إلى نتيجة مضادة تماما هي استنزاف قدرة الدولتين وإضعافهما معا. وخلال هذا الصراع المرير كان على الزيانيين (في الجزائر) دفع ثمن هذا التمزق عن طريق التناوب في الخضوع لهؤلاء وأولئك تبعا لارتفاع موازين القوى وانخفاضها. وانعكس ذلك بصورة خاصة على بني مرين (١١٩٦ - ١٤٢٨م) الذين كانوا أفضل سند للأندلس الإسلامية. فانهار بذلك أقوى دعم للأندلسيين، وانتهى الأمر ببني مرين إلى زوال سلطتهم وظهور فرع منهم اقتصرت سلطتهم على (مدينة سلا) ومنطقتها (هم بني وطاس).

وكان ذلك هو الموقف يوم هاجت القوات الإسبانية مدينة تطوان (سنة ١٤٠٠ م) فأخذتها ودمرتها، وأبادت نصف سكانها وساقت الباقين من رجالها ونسائها سبايا وأسرى إلى إسبانيا. في حين كان ملك المغرب (أبو سعيد عثمان المريني) يحارب مملكة بني زيان بتلمسان من أجل إخضاعها. فاحتل تلمسان وطرد ملكها (أبا زيان) ونصب مكانه (أبا محمد عبد الله). وتكرر هذا الموقف ذاته (سنة ١٤١٠) عندما قاد ملك البرتغال جيشه بنفسه فاحتل مدينة (سبتة) عندما كان (أبو سعيد عثمان أيضا) يحارب (أبا حسون) من أجل تلمسان ذاتها من جديد.

وأدى ذلك إلى الوضع الذي وصفه مؤرخ فرنسي بقوله: (وإن العائلات المالكة الحفصية والزيانية والمرينية، والتي كانت قبل ذلك تلمع لمعانا منيرا، قد انغمست في حروب طويلة مزمنة، وروت أرض هذه البلاد - المغرب العربي الإسلامي. بالدماء، ثم سقطت في مهاوي الانحطاط. فطوال قرن كامل لم يبق لأمراء هذه العائلات

<<  <  ج: ص:  >  >>