(أنه تقرر في شريف علمكم ما قد حل بساحة قطرنا من المحن وتراكم الأهوال، واشتعال نار الفتنة عند دخول الإفرنسيين للجزائر دار الإسلام، وتشتت حال المسلمين، الذين هربوا بدينهم لا يدرون أين يذهبون، وصاروا في حيرة وشدة، لكون متولي أمرهم أخطأ في تدبيره، ولم يعلم أحدا من عماله وجنوده، واشترط على العدو نجاة نفسه وأهله وماله وترك المسلمين في حيرة عظيمة، فكبسهم العدو على غرة، إذ لم يكن لهم استعداد ولا عدة فاستولى عليهم الأعراب، واستحلوا منهم ما دون أنفسهم. وكنا ممن حضر وقت جباية المال بغير عدة قوية من الرجال، فقمنا بإعانة الله، وجمعنا شتاتهم، وحاربنا عدوهم، وما سلكنا بهم الطريق إلا بعد شدائد وأهوال حتى بلغوا محل الأمن من البلاد، وقهرنا أهل الشر والفساد، وبذلنا في سبيل الله وطاعتكم أنفسنا، ومالنا المخلف عن أسلافنا، وكسرنا شوكة أهل الفتن، الموقدين نارها، الخائضين تيارها، وجلبنا الرعية بالبذل الكثير والرفق والإحسان، وأسقطنا عنهم جميع المظالم السالفة والبدع الشاقة الباطلة، واكتفينا منهم بالقانون الشرعي، فطابت نفوسهم، وقرت عيونهم وسكن روعهم، ثم أمرناهم بالاستعداد والوقوف في حراسة الوطن والحذر من مكر أهل الكفر، وما زلنا على تلك الحال، باذلين النفس والمال، حيث أن الدخل الشرعي أقل من خرج ما يلزم صرفه في الجيوش والجند الكثير الوافر، ونحن واقفون به بعون الله وعزه
(١) نقلت هذه الرسائل عن (خط همايون) ونشرت بكاملها في نشرة (أبطال المقاومة الجزائرية - الصادرة عن المركز الوطني للدراسات التاريخية بإشراف أحمد توفيق المدني. الجزائر - ١٩٧٦) كما كانت قد نشرت في مجلة التاريخ رقم ٤ - نوفمبر - ١٩٧٦.