فريضة الحج، واتخذت استعدادات كبيرة للحدث الهام، ورغب الكثيرون في مرافقة الشيخ المرابط للحج، وفي طليعتهم أبناؤه وحاشيته. وقرر (محيي الدين) الخروج وحده تخلصا من الموقف الحرج، غير أنه عاد فعدل عن قراره، وأعلن أن (عبد القادر) هو الوحيد الذي سيرافقه، ورضخ الجميع لهذه الإرادة وقلوبهم يغمرها الحزن. وغادر الأب والإبن قريتهما (قيطنة) في تشرين الأول - أكتوبر - ١٨٢٣. وما أن انتشرت أخبار عزم (محيي الدين) على الحج حتى ترددت في كل أنحاء وهران صيحة (إلى الحج .. إلى الحج) وأقبل الآلاف من كل الجهات وهم يحملون خيامهم ومتاعهم، وتجمع الركب الكبير على ضفة نهر جديوية في (سهل شلف) وأرعبت هذه التظاهرة حاكم (وهران). فأرسل إلى (محيي الدين) يستدعيه لمقابلته. وامتثل (محيي الدين) فتوجه مع (ابنه عبد القادر) إلى وهران،
وكانت المقابلة ودية، غير أن حاكم وهران ألزم ضيفيه (محيي الدين وابنه) بالبقاء في وهران بما يشبه الإقامة الإجبارية، حتى إذا ما مضت سنتان، وعرف حاكم وهران أن مخاوفه لا تستند إلى أي أساس مقبول، علاوة على ما كانت تثيره عملية (الاحتجاز) من ردود الفعل السيئة التي وصلت إلى (ديوان الباشا) وحتى إلى (منزله) حيث وقفت أم الداي وزوجته ضد هذا الإجراء التعسفي، فقرر الداي السماح (للمحتجزين) باستئناف رحلة الحج. وعندها قرر (محيي الدين) عدم العودة إلى (قيطنة) مرة أخرى لوداع أسرته حتى لا تتكرر قصة (الحشد المرعب) فغادر وهران بسرعة في تشرين الثاني - نوفمبر - ١٨٢٥. ووصل ومعه عبد القادر إلى تونس مارين (بالمدية وقسنطينة) وهناك انضما إلى قافلة تضم ألفي حاج، ركبوا جميعا البحر إلى الإسكندرية. وكانت هذه الرحلة مثيرة جدا للشاب عبد القادر الذي أخذ في