العودة، وقد نفذت مواردهما، فكان لا بد لهما من إكمال الرحلة على نفقة
إخوانهم المسلمين، الحجاج مثلهما والذين كانوا عائدين من أداء الفريضة، وانتهت الرحلة بالوصول إلى (قيطنة) بعد غياب استمر أكثر من سنتين وكان ذلك في بداية سنة ١٨٢٨ م. وعرفت (قيطنة) احتفالات وولائم لم تشهدها من قبل فقد توافد كل عرب وهران ووفود ثمثل القبائل الصحروية بزيارة (سيد بني هاشم) وتهنئته بالحج والعودة بالسلامة. ولم يعد الهدوء إلى (قطنة وادي الحمام) إلا بعد فترة طويلة.
كان لهذه الرحلة الروحية أثرها العميق في أعماق نفس (الشاب عبد القادر) الذي أخذ في الاعتزال عن الناس، والانصراف إلى العبادة، وقضاء الوقت في الرياضات العقلية التي تضمها مؤلفات القدماء أمثال أفلاطون وفيثاغورس وأرسطو، علاوة على مؤلفات كبار المشاهير من أعلام المسلمين والتي شملت علوم التاريخ الإسلامي والفلسفة واللغة والفلك والجغرافيا والطب فتكونت لديه خلال هذه الفترة مكتبة ضخمة كانت هي ثروته الدنيوية، وقد استمرات هذه الهواية في مرافقته طوال حياته.
اقتحمت جحافل الغزو الإفرنسي الاسعماري مدينة (الجزائر المحروسة) يوم ٥ تموز (يوليو) ١٨٣٠ واستقبل المجاهدون هذا الحدث بثبات، دون أن يداخل نفوسهم أي شعور بالخوف أو القلق، فقد ارتفعت رايات الغزاة الإسبانيين من قبل فوق معظم المدن الساحلية، غير أنها لم تلبث أن سقطت ممرغة بالوحل، وتعرضت مدن الجزائر لإغارات بحرية كثيرة، دحرت كلها وتراجعت، وظن رجال القبائل، وأبناء المدن الداخلية للوهلة الأولى أن القضية لن تكون أكثر من قضية غزو عابرة، أو