أنها في أسوأ الأحوال، لن تتجاوز حدود الصراع مع جهاز الحكم (التركي العثماني). غير أن النوايا الإفرنسية تكشفت بسرعة، عندما أخذت الإدارة الاستعمارية في التطلع إلى ما وراء المدن الساحلية، وزاد الأمر سوءا بما أقدمت عليه جحافل الغزو من (أعمال إبادة وحشية). وبدأت الغشاوة في السقوط عن أبصار أولئك الذين تعاونوا في بداية الأمر مع السلطات الاستعمارية أو حتى هادنوها. ولم تلبث قوات المرابطين وقياداتها أن رفعت (راية الجهاد في سبيل الله) وكان ذلك بداية تطوير الصراع المسلح.
رافق الغزو الإفرنسي انتشار موجة من الفوضى والاضطراب وانقطاع حبل الأمن، وتشردت جموع المسلمين الذين كانوا يسكنون المدن الساحلية وهربوا بدينم وعائلاتهم نحو الداخل وقد سيطر عليهم الذعر واليأس. وزاد من بؤسهم تعرضهم لقطاع الطرق الذين أخذوا في نهب هؤلاء المشردين والتعرض لهم دونما شفقة أو رحمة. ولم يكن باستطاعة شيخ المرابطين (محيي الدين) البقاء في عزلته وتجاهل المأساة التي نزلت بالمسلمين. فأرسل أولاده مع حامية قوية للتجول في السهل وحماية المشردين المنكوبين، وتقديم الدعم لهم، وحملهم إلى أماكن مأمونة لا تصل إليها عصابات اللصوص وقطاع الطرق. غير أن عملية الإنقاذ هذه كانت دون المستوى المطلوب في تلك الفترة الحرجة لا سيما وقد ظهرت الثارات المدفونة بين رجال القبائل، في المدن والقرى، فبات من الضروري إخضاع البلاد لسلطة قوية تحركها يد واحدة. وعقد المرابطون مشاورات طويلة لدراسة الموقف، فاتفقت كلمتهم على اللجوء إلى (محيي الدين) واستشارته في أنجح وسيلة لعلاج الأزمة. وعندما اجتمع المرابطون، خاطبهم محيي الدين ناصحا بالعبارات التالية: (منذ عدة شهور وأنا أحاول كما تعلمون جيدا،