المحافظة على درجة من النظام وسط الفوضى العامة التي تسود الآن.
ولكن أقصى الجهود التي بذلتها لم تفلح في إنقاذ أكثر من عدد قليل من الضعفاء والمشردين وحمايتهم من أيدي أناس قساة غلاط. إن طغيان الأتراك قد كبح طاقاتنا وأوهنها، ولكن إذا استمرت الأمور على ما هي عليه الآن، فإنها ستحطم كل طاقاتنا تحطيما. فأواصر المجتمع تنحل، ورفع كل فرد يده في وجه جار٥. وأرضى شعبنا العنان لغرائزه الرذيلة بعد أن أصبح يستهتر يوميا بقوانين الله والإنسان. وفي نفس الوقت، فإن النكبات التي تهددنا من الخارج لا تقل خطرا عن ذلك الذي ينهشنا من الداخل. فهل سنستنجد بالإفرنسيين؟ إن ذلك غير ممكن. وأن الاستسلام إليهم يعتبر خيانة لواجبنا نحو إلهنا ووطننا وعقيدتنا فما بالكم بالاستنجاد بهم؟. ولكن الإفرنسيين أمة محاربة، قوية العدد، واضحة الغنى، تشتعل حبا في الاحتلال، وماذا لدينا نحن من قوة نصدهم بها؟ إن القبائل على خلاف مع بعضها. وزعماء البلاد شرهون يتآمرون ضد بعضهم، ولا يصارعون إلا من أجل الثروة الشخصية. أما الدهماء التي رمت عنها كل قناع فبعضها قد أغنى نفسه بالنهب، وبعضها الآخر لا يكاد يجد قوت يومه. فالطرفان غير متعادلين. وأمام هذه الحالة، فحتى تصور نجاح المعركة مع الكفار يعتبر حماقة. أما محاولة المعركة نفسها فهو جنون.
لا، إن الملك الإفرنسي قويا، ولا يمكن أن يواجهه بفاعلية إلا ملك مثله، على رأس دولة محكمة النظام، يملك خزانة ضخمة، ويقود جيشا تام الانضباط. وليس هناك حاجة إلى أن نذهب بعيدا للبحث عن هذا الملك. إن سلطان المغرب قد عبر عن عاطفته نحونا، ويجب أن يعرف أن الخطر الخارجي الذي يهددنا نحن اليوم قد يهدده هو غدا. إن حضوره بيننا سيشجع ويدعم حالا الخير، ويصرف