الفجر، وأحاطت بدوار العرب المسلمين. وباغتته بالهجوم من كل جهاته. وذهل العرب لأول وهلة، غير أنهم استعادوا بسرعة ثباتهم، وقابلوا الهجوم بمقاومة عنيفة، وقاتلوا بعناد وشراسة، غير أن القوات الإسبانية أفادت من عاملي المباغتة والمبادأة فدمرت المقاومة بسرعة، فاستشهد المجاهدون المسلمون وهم يحملون سلاحهم، وسيق بقية الرجال والنساء والأطفال إلى الأسر، واستخدم الإسبان كل ما وجدوه من الخيول وعربات الجر لحمل الغنائم، ونظموا سيرهم، وأخذوا يعبرون المسالك الجبلية على طريق العودة.
وأثناء ذلك كان بعض الرجال قد أفلتوا من المعركة وذهبوا لاستنفار القرى المجاورة. وأسرع المجاهدون (من الدواوير القريبة) لنجدة إخوانهم - الغرابة - وهم لا يبغون من الدنيا إلا إنقاذهم من الأسر والهوان، وليصونوا شرف النساء الحرائر من العربيات خوفا من أن يلحق بهن العار. ولم تمض إلا ساعة من نهار، حتى أحدق المجاهدون. بالقافلة الإسبانية التي كانت تدفع أمامها غنائمها وأسلابها وأسراها.
والتحمت بين الجانبين معركة قاسية عنيفة، وكان الضباب يغطي ميدان المعركة، فلم يتمكن الإسبان من استعمال أسلحتهم، ولم يتمكنوا من رؤية أعدائهم. وقد أدخلت صيحات العرب الوحشية الفزع والهلع إلى قلوبهم، فاختل نظامهم وفقدوا الأمل في
النجاه. وأثناء ذلك، كانت أنباء الإغارة الوحشية قد وصلت إلى مدينة (وهران). فبادر حاكم المدينة إلى دفع قواته لنجدة المجاهدين. ووصل الجيش إلى ميدان المعركة المتسع عبر الفجاج العميقة والشعاب الجبلية. فارتفعت أصوات التهليل والتكبير من كل جانب. واستبشر