(مجلسا للشورى) بلغ عدد أفراده أحد عشر عضوا يمثلون المناطق المختلفة، وجعل على رأسهم (قاضي قضاة الجزائر). وما كاد يفرغ الأمير من تنظيم أجهزة الدولة، حتى أرسل إلى عمال الحكومة السابقة (في العهد التركي) والذين لا زالوا في مناطق لم يغتصبها الاستعمار الإفرنسي، طالبا إليهم الامتثال إلى (الطاعة والجماعة). حاثا إياهم على إعلان الولاء للحكومة الجديدة، والرجوع إليها في كل أمورهم. فاستجابت له الأغلبية الساحقة، وأعربت عن غبطتها بالخضوع لطاعته. أما الذين أبوا الدخول في طاعة الأمير الجديد، مغتنمين الذعر والفوضى التي انتشرت في البلاد على إثر احتلال العدو لبعض مناطقها فقد اختاروا الاستقلال بإدراتهم تدفعهم إلى ذلك شهوة التحكم والطمع، غير مبالين بما بحدق بالبلاد من خطر مدمر، وما يترتب على عصيانهم من تشتيت لوحدة الشعب، وتبديد لقوته، في الوقت الذي كان فيه العدو يجند كافة موارده ويحشد جميع قواته لاجتياح الوطن الجزائري. هؤلاء المارقون، سرعان ما أفحمهم الأمير بالمنطق أو أخضعهم بالقوة، مستدركا الخطر الذي ينتج عن عنادهم. وعين في مناصبهم رجالا توافرت لهم الكفاءة والقدرة والعدل والإخلاص .. وبذلك استقرت الأمور الجديدة، وبدأت تعمل جاهدة على إرساء قواعد الحكم النزيه على أسس متينة قوامها الدين الإسلامي وقواعده وأسسه الفاضلة. وكان أول عمل قامت به الحكومة هو الإعلان عن إلغاء المظالم. وإبطال القوانين التي كانت تفرض على المواطنين الجزائريين بين ضرائب ثقيلة ومغارم مرهقة. وأزال ما كان يعرف (بقبائل المخزن) فحقق المساواة بين كل المواطنين أمام القانون. وضبط نظاما بسيطا للحكم، وأنقص ما يمكن من الوسطاء، بهدف الوصول إلى أكبر، وتأمين السرعة في التنفيذ، ومنح أعضاء الحكومة سلطات