المدن، فأقام مدينة إلى جنوب كل مدينة كبرى سيطر عليها الإفرنسيين. وعلى الرغم مما كان يعانيه (الأمير عبد القادر) من ضعف الموارد، فقد انصرف بكليته لإقامة هذه التحصينات والمدن في المواقع الجيو - استراتيجية الحصينة، فكان منها (سيبدو) في الغرب، و (سعيدة) في الجنوب من تلمسان و (تاقدامت) إلى الجنوب من معسكر، و (بوغار) إلى الجنوب من مليانة، و (بلخورط) الواقعة جنوب - شرق مدينة الجزائر مقابلة المدية، وأخيرا (بسكرة) إلى الجنوب من قسنطينة. وكان الأمير عبد القادر وهو يقيم هذه المدن مقتنعا بأنه عند استئناف الحرب سيكون مضطرا لإخلاء كل المدن الواقعة على الخط الأوسط للأطلس، وبذلك سيكون من المحال على الإفرنسيين الوصول إلى الصحراء قبل مضي مدة طويلة على الأقل، لا سيما وأن الذيل الإداري الثقيل للقوات الإفرنسية سيعيق من تحركها السريع. وقد رغب في تدمير المدية ومليانة ومعسكر وتلمسان، حتى يحرم الإفرنسيين من التوغل بسرعة نحو الصحراء غير أن هذا المخطط الذي يعتمد على ما هو معروف باسم (الأرض المحروقة) قد لقي مقاومة بحجة أن الإفرنسيين يستطيعون بناء ما تهدم، كما أن عملية إعادة بناء هذه المدن عند الانتصار على الإفرنسيين سيكلف مبالغ طائلة (فظيعة). وكان من رأي الأمير أن هذه المدن التي يرغب في تدميرها هي (حجر المرتقى) التي سيصعده الإفرنسيون للوصول تدرمجيا إلى جوف الجزائر. ويعتبر بناء (تاقدامت) في طليعة منجزاته في هذا المجال، وقد كانت (تاقدامت) مدينة رومانية قديمة لم يبق منها إلا الأنقاض التي أراد (الأمير) الإفادة منها لإقامة عاصمة لإمارته. وكانت تقع على مسافة ستين ميلا إلى الجنوب الشرقي من وهران، ويبلغ محيطها العشرة أميال، وفيها معبدين كبيرين. وبقيت هذه المدينة خلال