فعملت على تشجيعه، حتى إنني عفوت أكثر من مرة عن أناس مجرمين محكوم عليهم بالموت لمجرد أنهم طلبة ومعروف أن المرء في بلادنا يحتاج إلى وقت طويل حتى يصل إلى مرتبة عالية من التحصيل في العلم. لذلك لم تكن لدي الشجاعة لإضاعة ثمار احتاجت إلى سنوات من الجهد في يوم واحد. إن الساكن في كوخ قد يقطع نخلة لا تريحه، ولكن كم سنة يجب عليه أن ينتظر قبل أن يصبح بإمكانه تذوق ثمار نخلة أخرى يغرسها. ولكي أساعد الطلبة على دراستهم بذلت أقصر جهد ممكن للمحافظة على الكتب والمخطوطات من الضياع. وكان هناك أكثر من سبب يدفعني إلى بذل هذه الجهود، ذلك أنه بالنسبة إلينا يلزم المرء عدة شهور لكتابة نسخة واحدة. ومن أجل ذلك أعطيت أوامري المشددة في جميع المدن والقبائل لبذل أقصى عناية ممكمة من أجل المحافظة على المخطوطات. واشتملت أوامري على فرض عقوبات شديدة لمعاقبة كل من يتلف أو يفسد مخطوطا. ولما كان جنودي يعرفون مدى اهتمامي بهذا الموضوع فقد كانوا يحرصون على إحضار كل ما تقع عليه أيديهم من مخطوطات أثناء الغزوات. وكانوا يقومون بذلك بعناية فائقة. ولكي أشجع غيرتهم وحماستهم في هذا المجال كنت دائما أعطيهم جوائز كبيرة على ذلك. وشيئا فشيئا جمعت مجموعة ضخمة من هذه المخطوطات ووضعتها في أماكن أمينة في الزوايا والمساجد وأوكلتها إلى الطلبة الذين كانوا موضع ثقني. وبنفس الهمة التي وضعت بها نظام التعليم العام أسست نظام القضاء. فقد خصصت للقضاة رواتب شهرية، بالإضافة إلى علاوات يتقاضونها لقاء قيامهم ببعض الواجبات الأخرى، كان النطام الذي أريده يقوم على أن ممثلي القضاء يجب أن يظهروا في كل مكان، بل أن يتبعوا جيشي في مسيرته. ولم أكن أسمح بأي تنفيد