تندمون فيه، ولات ساعة مندم. إنني أحاول إقناعكم بالتي هي أحسن لا بالقوة. وإنني أدعو الله أن يهديكم إلى سواء السبيل). وعندما انتهى عبد القادر من حديثه، إنطلقت صيحة عامة تقول:(اعطنا ابن سالم! اعطنا ابن سالم. وخذ منا الزكاة، وخذ منا العشور، وقدنا ضد الكافرين, إننا أبناؤك وجندك وخدمك).
وبعد أن ولى (ابن سالم) خليفة للأمير على (جرجرة) وسط الأفراح والمهرجانات، تابع الأمير عبد القادر مسيهرته السلمية عبر قرى الأرض الطيبة. وكانت مسيرته مجموعة من الأفراح والأعياد التي استمرت ثلاثين يوما. إذ ما كان السكان يعرفون في كل مرة مكان توقفه، حتى كانوا يسرعون إليه ببساطتهم العفوية وحماستهم المثيرة وهم يحملون معهم (ضيفتهم) التي كانت عبارة عن قصاع كبيرة من الأرز المغطى بقطع اللحم. وكان كل واحد يضع قصعته أمام خيمة الأمير، ويصر على أن يتناول الأمير منها قائلا له:(كل - إنها ضيفتي) ولكي يتفادى عبد القادر جرح العواطف، فقد كان مضطرا أن يذوق من كل قصعة على حدة. وبذلك تعرف أهل (جرجرة) على أميرهم، وتعرف هو عليهم، وكانت هذه المعرفة هي طريق الحب المتبادل، والولاء المطلق الذي استمر حتى آخر أيام الأمير فوق أرض الجهاد.