منافس لهم. وكان في طليعة هؤلاء (سيدي العريبي) وهو قائد قوي وله تأثير مطلق على قبيلة (فليته) في سهل الشلف - ناحية وهران - وكذلك (الغماري) قائد بني انجاد الذي رفض إطاعة الأمير. وشعر (محمد بن نونة) الذي كان يحب أن يقول أنه يحكم تلمسان باسم سلطان المغرب، أنه من السفالة الاعتراف بالولاء للأمير عبد القادر. أما (مصطفى بن اسماعيل) الذي كان محاربا قديما ومجربا والذي ابيض شعر رأسه في خدمة الأتراك (كزعيم للمخزن)(١) فإنه قد عبر عن تقززه من تقبيل يد (ولد ما يزال أمرد) حسب تعبيره.
ومضت أشهر ثلاثة فقط على (البيعة) يوم وجه الأمير عبد القادر دعوة لاجتماع عام في مدينة معسكر تحضره جميع القوى يوم ١٨ أيار - مايو - ١٨٣٣م. واستجابت القبائل الكبرى في التل والصحراء لهذه الدعوة الخيرة، ورحبت بها، أما قبائل المخزن، وهي التي طالما كانت آلة في يد الأتراك، فقد تملص بعضها واتخذ موقفا سلبيا، في حين رد بعضها الآخر على الدعوة ردا مهينا، وكان من الصعب على مثل هؤلاء التخلص من الفوضى التي ألفوها في هذه الفترة. وأثناء ذلك، كان (بنو هاشم - الغرابة) وهم قبيلة الأمير، قد انطلقوا نحو وهران، وأخذوا في الاشتباك مع القوات الإفرنسية وإزعاجها. واجتمعت القبائل في اليوم المحدد، (يوم ١٨ - أيار - مايو) واصطفت للعرض المهيب، فكان
هناك (٨) آلاف فارس و (ألف) راجل. ونشر الأمير علمه الخاص في سهل (خصيبية) - وهو علم كبير أبيض تتوسطه يد مفتوحة - وقد رفع أمام الجمهور الغفير في ابتهاج واحتفال كبير. وبعد ان استعرض الصفوف على فرسه. وخاطب الجمهور ببعض العبارات
(١) المخزن: تعبير يقصد منه تلك القبائل التي تحالفت مع الأتراك العثمانيين.