القصيرة الصارمة، والتي كانت كافية لإثارة الحماسة وتفجير الغضب ضد أعداء الدين، قادهم في اتجاه وهران، ووصل الأمير وقواته في الوقت المناسب لدعم قبيلته (بنو هاشم) والتي كانت تتعرض في ذلك اليوم لهجوم قوي شنه ضدها القائد الإفرنسي (دو ميشيل). فكان أول ما فعله هو أن قسم قوته إلى قسمين، وجه القسم الأول منها لمهاجمة الجناح الأيسر للقوات الإفرنسية، بينما قاد هو القسم الثاني للهجوم على حصن أقامه الجنرال الإفرنسي في مكان يدعى (الكرمة). وكانت هناك حامية تدافع عن هذا الحصن تضم فرقة مشاة - ألف جندي تقريبا - قطعتين من المدفعية بالإصافة إلى فصيلة من قناصي إفريقية. وقد حاول الأمير وفرسانه تسلق الأسوار، غير أن حامية الحصن نجحت في إحباط المحاولة، وعندها قاد الأمير عبد القادر قواته ودعم القسم الأول الذي كان يشتبك مع الإفرنسيين في السهل. وقد بذلت القوات الإفرنسية جهدا كبيرا للصمود أمام الهجمات الكثيفة والضربات المباغتة للمجاهدين، غير أن هؤلاء استطاعوا سحق الصنوف المنظمة للمشاة ودمروا التشكيلات المقاتلة، واستمرت المعركة القاسية طوال النهار، حتى إذا ما هبط الليل قرر (دي ميشيل) سحب قواته الممزقة تحت حماية مدفعيته، وتحت ستار الظلام.
توقفت الاشتباكات في الأيام التالية، ولم يقبل الأمير عبد القادر الخضوع لهذا الجمود، فنظم قوة من مائة فارس، وقادها بنفسه لنصب كمين في أجمة قريبة من وهران، كانت القوات الإفرنسية قد اعتادت على دفع فصائل من فرسانها إليها للعمل كمراكز مراقبة متقدمة. وظهرت سرية من القناصة الإفرنسيين في الموعد المعتاد. وعندما