وصلت إلى موقع الكمين فتح الأمير عبد القادر ورجاله النار عليها فمزقوها على الفور. وسقط عدد من قتلى الأعداء كما وقع (٣٠) أسيرا في قبضة المجاهدين واكتفى الأمير بما حققه من نصر محدود في هذه المعركة التي أراد فيها اختبار رجاله وبعث الثقة في نفوسهم. وعاد إلى (معسكر) ليقطف ثمار عمليته التي انعكست على الصفحة الداخلية للبلاد. إذ أسرع إليه عدد كبير من الرؤساء والشيوخ الذين رفضوا الخضوع لسلطته حتى الآن، ليقدموا له دعمهم وولاءهم. وكان في طليعة هؤلاء (الحاج ابن قيسى) الذي كان مرابطا شهيرا، والذي جاء ومعه وحده نوابا يمثلون عشرين قبيلة صحراوية.
أصبح بالإمكان توجيه الصراع ضد أعداء الداخل، حيث كان (سيدي العريبي) زعيم قبيلة (فليتة) التي تضم بطون كثيرة وعشائر عديدة، يحشد قواته، ويعلن صراحة أنه (سيوجهها ضد ابن محيي الدين الطموح). وقد باغته الأمير عبد القادر بقوة تضم (٥) آلاف فارس انطلقت للهجوم وهي تطلق نيرانها بكثافة، وتصرخ بصيحات الجهاد، مما شل قدرة (سيدي العريبي) وحرمه من كل إمكانات الدفاع، فمضت قوات الأمير وهي، تقتلع الخيام، وتجمع الأسرى، وتقود الماشية، ولم يحصل (سيدي العريبي) على العفو عن جرائم الماضي وقبول التزامه بالمحافظة على الأمن - في المستقبل - إلا بعد أن أرسل تعهدا مكتوبا بالطاعة، وتقديم ابنه رهينة لدى الأمير. وضمن بذلك خضوع أقوى المنافسين، كما ضمن زوال تلك الأعمال الشائنة من سلب للأموال وقطع للطرق وتهديد للنفوس، ولكن، وقبل أن يغادر الأمير عبد القادر البطحاء (المعروفة الآن بهبزة) بلغه انتفاض قبائل عكرمة وبني مديان، فسار إليهم وحثهم على الرجوع عن غيهم، فأظهروا تصميمهم على الخلاف والتمرد. فأغار عليهم،