واستولى على ممتلكاتهم، غير أنهم لم يلبثوا أن أظهروا الندم، فرد إليهم أموالهم، وضمن لهم أمنهم، وطلب إليهم الالتفاف حوله لمحاربة الأعداء. فاستجابوا لطلبه. وعملوا على دعم الوطن ورفع راية الجهاد بدلا من راية العصيان. وبيما كان الأمير في سبيله لإخماد الفتن والقضاء على الثورات المضادة، حاول عمه وأخوه مصطفى استثارة القبائل ضده، واتفق عمه وأخوه مع زاوية الدرقاوة، وكذلك مع
المرابطين في (الونشريس) وشكلوا كتلة تضم (٦٠٠) مقاتل، وحاول الأمير استمالتهم، غير أنهم رفضوا الإذعان لرغبته، وصمموا عل مجابهته، فاضطر لمحاربتهم، وقد تغلب عليهم وفروا هاربين، أما عمه وأخوه، فقد وجدا لهم ملجأ في الجبال، ثم طلبا العفو، فعفا عنهما، وفرض على المهزومين مائة حصان وألف بندقية وخمسائة سلطاني فضة كضريبة. ومضى الأمير عبد القادر وقواته في سهل (الشلف) الواسع والمناطق المجاورة له، حيث انضم إليه عدد من القبائل الهامة، وخاصة القبائل الساكنة في بلدة (مليانة) والتي كانت خاضعة في ذلك الوقت للشيخ (ولد السائح) فخطبت وده، ووضعت جميع إمكاناتها تحت تصرفه. كما انضم إليه رؤساء قبائل (جحوط، ومرايا صومال وابن مناد وابن مناصر). وعندما وصل إلى (مليانة) اتصل بأسرة الوالي الصالح (سيدي أحمد بن يوسف) الذين يتمتعون بصيت كبير، فقدم أعضاء هذه الأسرة خدمات جليلة، وتقدم علاوة على هؤلاء مشايخ (جندل) وجميع الجنود الذي كانوا تحت قيادتهم. وقابلوا الأمير بحفاوة تامة وتوقف الأمير فترة في (مليانة) ريثما تمكن من إعادة تنظيم أمورها وعين عليها (خليفة) من أنصاره. جاء الآن دور مدينة (أرزيو) وحاكمها القاضي (سيدي أحمد بن الطاهر) الذي كان قد خالف تعليمات الأمير بعدم إجراء أي اتصال