للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغير نهر الهبرة اسمه ليحمل اسم (نهر المقطع). وحين رأى الأمير عبد القادر حركة القوات الإفرنسية، عرف هدفها على الفور، فإذا استطاع أن يستولي على مضيق نهر الهبرة، قبل أن يصلوا إليه فإنه يعلم أنهم سيكونون تحت رحمته. ولكن المسافة كانت بعيدة جدا على المشاة لتحقيق ذلك الهدف خلال الفترة الزمنية المتوافرة له. فاختار (عبد القادر) ألف فارس، وأمر كل راكب أن يردف معه جنديا من المشاة، وأن يسرعوا إلى المكان المعين. وأمكن تحقيق العملية بنجاح كامل. فالفرنسيون، بعد أن عانوا مشقة كبرى، استطاعوا عبور سهل سيراط، وبعد مطاردة الفرسان العرب لهم طوال الطريق، دخلوا مضيق (الهبرة) حوالي منتصف النهار. وقد ذهلوا عندما وجدوا منحدري المضيق مدججين بالسلاح. وحين تقدموا رميت عليهم قطع كبيرة من الصخور وبينما كان الجند الإفرنسيون مشغولين بالمناوشات خلال ساعتين، أمكن لهم فتح الطريق ببطء وبتضحيات كبيرة. وأثناء ذلك، كان عبد القادر وجيشه كله قد سد عليهم الطريق من الخلف. وقد خشيت مؤخرة الإفرنسيين من عزلها عن بقية الجيش. فاندفعت إلى الأمام وهي في حالة من الفوضى المريعة، فقد تحول جزء من مستشفى الميدان والمدفعية إلى اليمين وغرق في المستنقع. أما رجال المدفعية فقد فصلوا المدافع عن حاملاتها، وهربوا. واختلطت القوات بعضها ببعض، وأسرعت الكتائب أو أجزاء منها، هنا وهناك، باحثة عن مخبأ أو مفر. وأفسح لهم العرب مجال المرور من بينهم، لمعرفتهم إنهم لن يذهبوا بعيدا. وجرف التيار كل الجنود الذين حاولوا الفرار سباحة، وغرقوا في مياه النهر. ثم حل الليل، وسارت فلول القوات الممزقة نحو مدينة (أرزيو) وهي تحمل كل مرارة الفشل.

انطلقت قوات المجاهدين طوال الليل للبحث عن فلول

<<  <  ج: ص:  >  >>