مع العدو. غير أن كثافة نيران المشاة الإفرنسيين تمكنت من إيقافهم وتكبيدهم خسائر فادحة. واستمر الصراع بقسوة، ولكن ظهر بسرعة أن الهجوم بات عقيما بعد أن تمزقت القوات العربية، فاضطرت للانسحاب. ومضت ساعات على هذا الصراع المرير، الذي انتهى باستيلاء الإفرسيين على غابة (بغيلة) الواقعة على يمين المواقع العربية. بينما تقدمت مدفعيتهم إلى الأمام على محور الطريق الرئيسي. وتخلى العرب عن جميع النقاط في ميدان المعركة. وحاول الأمير عبد القادر المحافظة على بعض النظام أثناء تنفيذ الانسحاب. غير أن جهوده لم تفلح في إصلاح الخلل. وخلال نفس الليلة، انحلت فرق مشاته النظامية، أما فرسان القبائل، فإن بعضهم عاد إلى منازله، في حين توجه بعضهم الآخر إلى مدينة معسكر، ليمارس فيها أعمال النهب قبل أن ينهبها الإفرنسيون. وأما الأمير عبد القادر نفسه، فقد انسحب إلى (كاشرو - أو قرية كاشن) التي كانت ملكا لأسرته، وهي تبعد حوالي فرسخين عن معسكر.
لقد ذاب جيش الأمير عبد القادر كما تذوب قطعة الثلج تحت وهج حرارة حارقة. وظهر بوضوح أن الطريق إلى (معسكر) قد بات مفتوحا. وقد سقط (تلمسان) في أيديهم بعد فترة قصيرة. ومن الممكن بنتيجة ذلك أن تستسلم القبائل بأجمعها طلبا للأمن، بل إن بعض الرؤساء الذين كان عبد القادر يعتمد عليهم أكثر من غيرهم قد تخلوا عنه. وهكذا كانت حالته تبدو يائسة. لقد كان يشعر بالألم والضيق. وكان الغضب يتملكه بنتيجة الإهانة التي لحقت بسمعته ونتيجة ضعف بعض أنصاره وخيانة بعضهم الآخر. غير أنه بالرغم من ذلك استطاع كبح جماح عواطفه فالتزم الصمت، ولم ينبس ببنت