وأصبح الملك الإسباني (فرديناندو) بعد هذا النصر، أكثر ثقة بالقدرة على تنفيذ مخططاته، فانطلق يعلن بوضوح عن أهدافه بضرورة تطوير الحرب الصليبية. ويؤكد عزمه على مطاردة الكفار (المسلمين) إلى أن ينتزع من بين أيديهم بيت المقدس. ثم أعلن بحماسة أنه سيتولى بنفسه قيادة جيش لفتح أفريقيا. وأن يضع يده في يد فرسان جزيرة رودس من أجل الإسيلاء على مصر.
غير أن الأمور لم تتوافق في مسيرتها مع ما طمع به (فرناندو). فقد انطلق الشعب في المغرب الإسلامي إلى تنظيم المقاومة. واستخدم الإسبان أبشع أنواع الإبادة. غير أن هذه الوحشية لم تقابل من المجاهدين في سبيل الله إلا بالمزيد من التصميم والعناد. وعلى سبيل المثال، فقد رفض (سكان زواوة) من رجال القبائل الأشداء الخضوع لسلطة الملك عبد الرحمن. وتنادوا بوجوب الجهاد ضد المحتل الغاصب، واعترفوا بإمارة الأمير أبي بكر الذي كان يجكم قسنطينة باسم الحفصيين. وأخذوا يوحدون صفوفهم. والتف حولهم المجاهدون من أهل التل ومن سكان الهضاب العليا , واتخذ الأمير أبو بكر مقرا لقيادته بلدة زيانية. وأخذ ينظم الإغارات باستمرار لإزعاج الإسبانيين الذين عملوا بالمقابل على توسيع (بقعة الزيت) باستيلائهم على (عنابة) سنة ١٥١٠. غير أن عملية التوسع اصطدمت بمقاومة طرابلس الضارية (والتي كانت تحت حكم الحفصيين). ولم تتم عملية احتلال (طرابلس) إلا بعد جهد كبير، والقضاء على المجاهدين.
(١) انظر الملحق رقم ١ - في نهاية الكتاب والمتعلق بنص المعاهدة.