استمرت بتأثير من رؤسائها أبناء (سيدي العريبي) في التأرجح بين الولاء للأمير عبد القادر، وبين العمل ضده، وذلك على الرغم من العقوبات التي نزلت بها، وها هي الآن تمتنع عن دفع الضرائب، بعد أن رفضت تقديم فرسانها لدعم جيش الأمير، ثم هي تجاوزت ذلك في حلف جديد مع الإفرنسيين بحجة تعرضها لضغط القوات الإفرنسية المستمر. وكان الأمير عبد القادر مشغولا جدا في الوقت الحاضر بحصار تلمسان، وبإجراءات (دار لانح) على (تافنة) وليس بإمكانه التوجه إلى (بريغو. غير أن العرب الذين نكثوا بعهدهم، ورحبوا بالجنرال الإفرنسي، سرعان ما شعروا بغضب السلطان، إذ لم يكد الإفرنسيون ينسحبون حتى نزل عليهم عبد القادر كالصاعقة. ففرض الضرائب الثقيلة على ثمانية عشر قبيلة منهم، واقتيدت مواشيهم، وقد أخذت قبيلة (البرجية) كمثال مريع، فهلك منها عدد كبير، وشرد الباقي ليجد المآوى حيث يستطيع. ووصل (دار لانح) بصعوبة كبيرة إلى (تافنة) يوم ١٦ نيسان - أبريل - ١٨٣٦م ومعه (٣) آلاف جندي من المشاة وثماني قطع مدفعية. وبعد أن أكمل إقامة المعسكر الحصين على ضفة النهر، تقدم في ٢١ من الشهر لفتح الطريق إلى تلمسان تنفيذا لتعليمات (كلوزول). وعلم الأمير بالأمر فسار إلى (ندرومة) حيث يمكنه متابعة تحركات العدو من كل جهة في المكان الذي تتشعب منه الطريق من (تافنة) إلى تلمسان. فقطع جبال القبائل الممتدة حول تافنة، ومضى محرضا القبائل على الجهاد، ثم توجه بجيشه، واعترض العدو في وادي (تافنة) والتحم القتال بينهما نهارا كاملا. ثم ضرب الجنرال معسكره في الوادي ورتب صفوفه على هيئة قلعة، ونزل الأمير بجنوده وضرب حصارا محكنا حوله. وفي يوم ٢٤ نيسان (أبريل) تهيأ