للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخيرا نجحوا في هدفهم، فقد حارب عبد القادر معركة طويلة يائسة ضد القوات المغيرة على ضفاف (الزقاق - أو سكاك) ولكنه تعرض في هذه المرة لهزيمة كاملة. أدرك الأمير أن سبب هزيمته إنما يعود إلى تخلي جنوده عنه وهو في أوج انتصاره، وكانت هذه هي المرة الثالثة التي تتكرر فيها مثل هذه الظاهرة:

كانت المرة الأولى، عند استيلاء الإفرنسيين على عاصمته (معسكر).

وكانت المرة الثانية، بعد غزوة تلمسان.

وها هي المرة الثالثة في معركة الزقاق.

وكل حادثة من هذه الحوادث كافية لأن تكون سببا قويا لسقوط قوة أعظم سلطان راسخ القدم. ومع ذلك، فإنها لم توثر في الأمير، ولم تحصل دولة فرنسا منه على طائل مما دفع أحد الكتاب للقول:

(إن تلك الوقائع تسحق عقل القوي وتضعف عزمه، ولو كان كالصخر، إلا أن الأمير، كان لا يبالي بذلك لأنه كان يعرف أنه إذا ما ابتسم له الحظ، فإن باستطاعته التغلب على العصاة المتمردين بحد سيفه البتار). وهذا بدقة ما فعله وهو في ذروة المأزق، إذ ما كاد يبلغه أن (سيدي إبراهيم) قد اختار هذه الساعة الحرجة ليعلن ثورته ضده، ولينتحل لقب سلطان، حتى جرد سيفه من غمده، وعلقه في سرجه، وأقسم أن لا يغمده، وأن لا ينزل عن فرسه حتى يقطع رأس ذلك الخائن. وأسرع بمفرده تقريبا إلى قبيلة (بني عامر) حيث كان يعلم أن الخائن بينهم وطلب تسليمه في الحال. وبعد أن أفاقت هذه القبيلة من دهشتها وتأثرها من هذا القرار الصارم، سلمت الثائر (سيدي إبراهم) إلى عبد القادر، خائفة من أن يؤدي الرفض إلى الاتهام

<<  <  ج: ص:  >  >>