وكالعادة، رجع جند الأمير من ديارهم نادمين على ما فعلوه، طالبين من الأمير العفو، فقال لهم:(لقد عفوت عنكم كثيرا، وأن هفواتكم كثيرة، وأن العدو لنا بالمرصاد، وأخاف أن يجد ثغرة في صفوفنا فيجرنا حتما إلى النهاية - ويؤسفني أشد الأسف أن ينتصر جنودنا على بيجو، وأن تهزمه هزيمة ساحقة، ثم تتقاعس في نفس اليوم الذي انتصرت عليه، وتخرج من المعركة لتسمح له بأن يتعقبها، وأن يقتل منها ذلك العدد الكبير ... لقد جاءت التقارير بأن بيجو كاد ينتحر في منتصف النهار عندما رأى جندنا يتقدمون ويفتكون بقواته دونما هوادة ويستولون على الغنائم، ويبيدون ضباطه بالعشرات، حتى أن الكثيرين من جنوده سلموا أنفسهم وعتادهم. وبدلا من أن تتابع جيوشنا الجهاد حتى نهايته، اكتفت بما حققته، ورجعت إلى ديارها تاركة وراءها عددا قليلا من المجاهدين، ففتك بهم بيجو واعتبر هذا الانتصار التافه، انتصارا لا نظير له. أيها الإخوة! إن الجزال بيجو إذ يعتبر انتصاره في هذه المعركة انتصارا، فإنه على حق، لأن المعارك التي خاضها قادة فرنسا قبله كان نصيبهم منها الخذلان. وعليه فأقول لكم إني تأثرت بواقعة الزقاق التي هي في الحقيقة لا تقدم ولا تؤخر، وإنما غرور بيجو قد خلق منها معركة كبرى حتى يشق لنفسه الطريق إلى السلطة، حيث أن الحكومة بعثته على سبيل الاختيار، فإن هو نجح، فسترسله للجزائر، وإن فشل فستبقيه في فرنسا. ولقد علم هو بهذا السر فأجهد نفسه حتى انتصر بسبب نقصان عدد جنودنا).
رجع (بيجو) بعد معركة (الزقاق) إلى وهران، وطير الخبر إلى