للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دولته يبشرها بانتصاره، ويتبجح بما أحرزه من النصر في أول معركة له في بلاد الجزائر. ثم توجه إلى فرنسا لاستثمار هذا النصر، وإعداد نفسه لممارسة دور أكبر، مستفيدا من أخطاء خصمه (كلوزول)، ومعززا مكانته بقوله: (افسحوا المجال لعبقرية فرنسا). وبتأثير من (بيجو أرسلت وزارة الحرب الإفرنسية إلى (كلوزول) رسالة جاء فيها: (إنك لم تقم بواجبك، حيث أنك لم تتخذ الضمانات الكافية في وهران، وعلى أية حال، فإن الوضع بعد الانتصار الضئيل الذي أحرزه بيجو يهدد الوجود الإفرنسي في الجزائر بالخطر) وطلب (كلوزول) دعم حكومته لمجابهة الموقف المتدهور، وعندما استشير (بيجو في موضوع إرسال الإمدادات أجاب: (إن الوقت غير ملائم لذلك، ويجب أن يترك الأمر إلى الجنرال كلوزول حتى يجد الحل المناسب، فإذا ما عجز عن ذلك، فيجب إخراجه من الجزائر. ولم يجد كلوزول أمامه سوى التوجه إلى باريس في محاولة للحصول على الدعم. غير أنه لم يجد هناك من يستمع إليه، وعندما طلب إلى وزير الدفاع الخطة التي يقترحها، أجابه: (إننا هنا نجهل كل شيء عن الجزائر. ولك بصفتك قائدا عاما اختيار الخطة المناسبة وتنفيذها بما يتوافر لديك من القوات، فإن نجحت فذاك، وإن فشلت فللوزارة أن تفكر في الأمر) ورجع كلوزول خائبا، فقرر غزو (قسنطينة) في محاولة لإخضاع (الباي أحمد) على أمل إحراز نصر يدعم موقفه. وحشد كل القوات، وشرع في التحرك - في شهر تشرين الثاني - نوفمبر - سنة ١٨٣٦ م. فوصل إلى (عنابة - بونة) ثم انتقل إلى (قالما) حيث استراح وجنده لمدة ثلاثة أيام، سار بعدها إلى (قسنطينة) ولما وصلها اشتبك في معركة قاسية، أبلى فيها القائد (ابن عيسى) أفضل البلاء، وأمكن له في يوم واحد القضاء على كلوزول وقادة جيشه الذين جاؤوا معه.

<<  <  ج: ص:  >  >>