وتركوا وراءهم القتل والعتاد، ولم ينج أي واحد منهم؛ وتمكن كلوزول من إنقاذ نفسه والنجاة من الموت بأعجوبة؛ ولكن بعد أن ترك ابنه قتيلا في هذه المعركة. وعزلت فرنسا (كلرزول) الذي غادر الجزائر حاملا معه قلب ابنه القتيل وتوجه إلى إسبانيا حيث قضى فيها بقية أيام حياته.
كان الأمير عبد القادر يتابع الموقف، ويحشد قواته، ويحكم الحصار على القوات الإفرنسية التي نجحت في إقامة بعض المراكز الداخلية، غير أنها لم تكن قادرة على الاتصال بها أو الوصول إليها، وكانت رسائلها تحجز، وتقطع رؤوس حامليها بدون تمييز، ولم تتمكن القبائل المتحالفة مع الإفرنسيين إمدادها بالمؤونة وسواء كان الإفرنسيون في وهران أو في تافنه، فإنهم كانوا لا يستطيعون التحرك إلا في فرق كبيرة. وكانوا في هذه الحالة يحتاجون إلى تموين ضخم، وحيوانات تحمل الأثقال ووسائل للنقل. وكان أهل الدوائر والزمالة، طلبا للأمن تحت حصون وهران، يعيشون على مؤونة مقترة يتصدق بها عليهم حماتهم من حين لآخر. أما في تلمسان فإن (كافينياك) كان يشتري القطط لمائدته بمبلغ أربعين فرنكا للقط الواحد. وعندما علم (الأمير عبد القادر) بنوايا (كلوزول) وبتحركه نحو (قسنطينة) امتنع عن اتخاذ أي إجراء قد يفسد التطور الكامل لتلك الخطة. ومنى نفسه بأنه سيكون هو المستفيد في النهاية سواء نجح الإفرنسيون في خطتهم أو فشلوا. ذلك أنه إذا ما انهزم أحمد باي قسنطينة فإنه سيتخلص من منافس خطير، دون جهد من جانبه، وستكون القبائل العربية في قسنطينة عندها حرة للانضمام إليه والعمل تحت لوائه. أما إذا انتصر الحاج أحمد باي قسنطينة، فإن الإفرنسيين قد يغادرون الجزائر بعد أن تكون قواتهم قد استنزفت، غير أن ذلك قد يفتح مجال الصراع الطويل