مع أحمد باي قسنطينة. ولكن توقف الأمير لم يستمر طويلا، وانتصر الحاج أحمد. وعندها عرف عبد القادر أن ساعة الحسم قد أقبلت. فأصدر أمره من مقر قيادته في المدية، للقيام بهجوم شامل ضد كل المراكز الإفرنسية بين الأطلس والساحل. وتدفقت آلاف العرب والقبائل من الجبال كالسيل الجارف، وانضمت إليها قوات تيطري، فعملت على تدمير المؤسسات الإفرنسية الاستعمارية وإحراقها، وأسرات المستوطنين الإفرنسيين، وبلمحة واحدة لم يبق للإفرنسيين وجود حقيقي في إقليم وهران. وأصبح سهل (متوجة - متيجة) تحت رحمة قوات الأمير الذي أصدر أمره إلى خليفيه (مصطفى بن التهامي وابن حميدي) بالتوجه إلى وهران والاستيلاء عليها، وعزلها عن كل اتصال بالسيطرة على محاور الطرق المؤدية إليها. وتم تنفيذ ذلك بنجاح. وفي الوقت ذاته كلف الأمير عبد القادر خليفته (محمد بن علال) بالتوجه إلى الجزائر، فأشعل نارا حامية على قيادة الجيش هناك، وضيق على القبائل المتنصرة، بل على الإفرنسيين أنفسهم، وسار حتى دخل مدينة الجزائر ذاتتها. وأصبحت القيادة الإفرنسية في الجزائر غير موجودة عمليا , توجه الأمير بعد ذلك إلى (تلمسان) ودخلها، وذهب لزيارة قبر الولي الصالح (سيدي
بومدين). وهناك كانت تنتظره مباغتة غير متوقعة. فقد كان القائد (ابن نونه) متعلقا بأستار الضريح، لائذا به، فأمنه الأمير بعدما اعترف على ملأ من الناس بأنه أتى نكرا واقترف ذنبا ولم يكتف الأمير بتأنيبه، بل إنه تجاوز عن أعماله، فأقره على طائفته، بعد أن أماط كل لثام، وجلا كل شك وشبهة عن عصيان هذا القائد.
أصبحت حالة الحاميات الإفرنسية مثيرة للشفقة، فقد أصبح