الرعب من المجاعة مسيطرا على جند هذه الحاميات. وهنا ظهر (اليهودي دوران) ليمارس دور الوساطة. فقد أقنع الأمير:(بأن الفوائد التي سيحصل عليها من إطعام الإفرنسيين ستفوق كثيرا - حتى من الوجهة العسكرية - قيمة أي نصر يمكن أن يحققه عن طريق تجويعهم). وفي الوقت ذاته، وبعد موافقة الأمير على هذا المبدأ، توجه (دوران) لمفاوضة (بروسارد) الذي أصبح قائدا على وهران ليفاوضه بقوله: (إن الإفرنسيين في حاجة إلى القمح واللحم، والسلطان من جهته في حاجة إلى الحديد والرصاص والكبريت. فليبتع كل طرف ما يحتاجه من الطرف الآخر، وسيكون الجميع راضين. ويجب أن لا يخشى أبدا بأن هذا الإجراء سيكون على حسابك ولصالح السلطان. فهو لن يظهر أبدا في القضية، إذ إنني أنا الذي سأبيعكم القمح واللحم. وأنتم ستبيعونني الحديد والكبريت، ولن يعرف السلطان سوى عن طريق غير مباشر بأن المواد الأولى لكم، والمواد الأخيرة له.
بل إن السلطان مستعد للسماح لكم باستئناف تموين تلمسان. ولكن ما دام هذا الامتياز بدون شك سيغضب ويثير سخط العرب الذين يحقدون على الوجود الإفرنسي في تلك المدينة، فإن السلطان لن يأخذ على عاتقه سوى كراهية ومسؤولية الترخيص به، على شرط أن يطلق الإفرسيون سراح جميع الأسرى الذين سجنوهم إثر معركة الزقاق وأن يعيدوهم إليها). وفي الحال، قبل (بروسارد) هذا الاقتراح وتم الأخذ به وتنفيذه. وكان ذلك بداية الطريق إلى معاهدة (تافنه) أو معاهدة (عبد القادر - بيجو).