تدفقت جموع العرب وقبائلهم فغطت سهول مدينة الجزائر، في حين كانت أفواج جديدة تنحدر من مختلف الجبال المجاورة لتنضم إلى ذلك الحشد الهائل. وغصت مضائق الأطلس وشعابه بالفرسان والمشاة، لقد انحدروا وكأنهم انهيارات ثلجية ضخمة حطت فوق سهول مدينة الجزائر.
كان خليفتا المدية ومليانة قد عبرا نهر الشلف يتقدمان جنودهما. وأحاط ابن سالم بجيشه من القبائل بالمراكز والمسعمرات الإفرنسية المنعزلة من الشرق. وجاء أهل (حاجوط) هائجين من الغرب. وفي الحال، هوجمت المستمرات وخربت المؤسسات الزراعية ودمرت المراكز الإفرنسية بهذا الطوفان، وغطى دخان القرى المحترقة الجو، فأظلم. وهرب الإفرنسيون إلى الجزائر (المدينة)، التي اجتاحتها موجة من الفزع وملأت الشائعات المرعبة المدينة. فجلى الناس عن منازلهم وقاد الأمير قواته لمهاجمة (قلعة بودور) وهنا ظهرت أول صدمة عنيفة حيث استطاعت نيران المدفعية الإفرنسية إيقاف موجة المقاتلين العرب بفضل كثافة نيرانها ودقتها. وتحركت قيادة (فالي) بسرعة. فدعمت حامياتها وبصورة خاصة في (البليدة وبوفاريك) على أقدام جبال الأطلس. وأعلنت الحكومة الإفرنسية في الوقت ذاته (أنها لن تقبل بعد اليوم مساومة أو تراجعا - وأن الجزائر قد أصبحت منذ الأن وإلى الأبد مقاطعة فرنسية). ووصلت التعزيزات العسكرية بسرعة إلى مدينة الجزائر. وارتفعت القوة الفعلية التي أصبحت تحت تصرف المارشال - فالي - إلى (٣٠) ألف محارب. ووضع (فالي) خطة جديدة للهجوم تختلف عن مخططات القادة السابقين الذين كانوا ينفذون عملياتهم بهجمات مباغتة تتبعها عمليات انسحاب مباغتة. وكانت خطة (فالي) تتلخص فيما يلي: