سبتمبر - ١٨٤٣ من مباغتته عندما كان معسكرا بالقرب من زاوية المرابط (سيدي يوسف) وقد صحا الأمير على صرخات (الإفرنسيين - الإفرنسيين). وكان لا يجد الوقت حتى لامتطاء فرسه، غير أنه لم يفقد رباطة جأشه وهو في أشد ساعات الضيق. فأخذ في إطلاق النار وأسرع جنده إلى أسلحتهم، وأخذوا في التجمع حوله تقودهم صيحاته الحادة، وأمكن له تمزيق الإفرنسيين والخروج بجنده وأهله. ومضى (بزمالته) التي لم تعد تضم أكثر من ألف نسمة، ليجوب بها الأرض في شقاء ويأس. وتبع ذلك قتال مرير، وكانت النسوة تحمس المحاربين بالزغاريد والأهازيج. وكان عبد القادر ورجاله يحاربون على مرأى ومسمع من زوجاتهم وأطفالهم، فأبدوا شجاعة لا توصف. وأمكن للأمير بذلك قيادة الزمالة الصغير بأمان إلى (بوك شبكة) على حدود المغرب الأقصى. أما (بيجو) فقد كتب إلى حكومته: (بعد حملة الربيع ١٨٤٣، كان باستطاعتي أن أعلن بأن احتلال الجزائر وإخضاعها قد انتهى. غير أنني فضلت أن أذكر ما هو أدنى من الحقيقة، ولكني الآن، وبعد معركة ١١ - تشرين الأول - أكتوبر - والتي قضي فيها على بقية مشاة الأمير وقتل فيها أول وأشهر خليفة له (ابن علال) فإني أعلن على الملأ وبكل جرأة، أن كل قتال جدي قد انتهى، حقا إن عبد القادر قد يقوم بحفنة الفرسان الذين ما يزالون معه، ببعض الحركات المباغتة المعزولة على الحدود، ولكنه لن يحاول أبدا القيام بأية حركة هامة من جديد).